وكذا الحذف والإضمار فإنّه واقع في كلامه تعالى ، بل في أوّله ، فإنّ من الناس من قدّم المضمر في بسم الله الرحمن الرحيم ومنهم من أخّره ، وكذا قالوا في (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) معناه قولوا : الحمد لله.
واتّفقوا على حسن المعاريض ، ومعناه الخبر الّذي يكون ظاهره كذبا ، ويصدق عند إضمار شرط خاص أو قيد خاص.
وإن كان المراد الكلام الّذي لا يكون مطابقا ولا يمكن إضمار ما به يصير مطابقا فيه فهو قبيح بتقدير الوقوع ، لكنّه غير ممكن الوجود ، لأنّه لا خبر يفرض كذبه إلّا وهو بحيث لو أضمر فيه شيء لصدق ، فيرتفع الأمان عن ظواهر الكتاب والسنّة.
لا يقال : لو كان مراده تعالى غير ظواهرها لوجب أنّ يبيّنها ، وإلّا كان تلبيسا.
ولأنّا لو جوّزنا ذلك انتفت الفائدة في كلامه تعالى ، فيكون عبثا ، وهو غير جائز.
لأنّا نقول : إن عنيت بالتلبيس أنّه تعالى فعل ما لا يحتمل إلّا التلبيس والتجهيل ، فهو غير لازم ، لأنّه تعالى قرّر في عقول المكلّفين أنّ اللفظ المطلق جاز أن يذكر ، ويراد به المقيّد بقيد غير مذكور معه ، ثمّ أكّده بأن بيّن للمكلّف وقوعه في أكثر الآيات والأخبار ، فقطع المكلف بمقتضى الظاهر جهل من نفسه لا من قبله تعالى ، حيث قطع لا في موضع القطع كما في إنزال المتشابهات ، فإنّها موهمة للجهل إلّا أنّها لمّا احتملت غير الظواهر