الباطلة كان القطع بإرادتها جهلا وتقصيرا من المكلف ، لا تلبيسا منه تعالى.
والعبث ممنوع ، فإنّا لو ساعدنا على أنّه لا بدّ له تعالى في كلّ فعل من غرض ، لكن نمنع أنّه لا غرض من تلك الظواهر إلّا فهم معانيها الظاهرة ، كما أنّ الغرض من إنزال المتشابهات ليس فهم ظواهرها ، بل أمور أخر فيجوز هنا كذلك.
لا يقال : جواز إنزال المتشابهات مشروط بأنّ الدليل قائم على امتناع ما أشعر به ظاهر اللفظ ، فما لم يتحقّق هذا الشرط ، لم يكن إنزال المتشابه جائزا.
لأنّا نقول : معلوم أنّ إنزال المتشابه غير مشروط بأن يكون الدليل المبطل للظواهر معلوما للسامع ، بل هو مشروط بوجود الدليل في نفسه ، علمه سامع المتشابه أو لا ، فحينئذ ما لم يعلم السامع انّه ليس في نفس الأمر دليل مبطل لذلك الظاهر لم يكن إجراؤه على ظاهره.
ثمّ لا يكفي في العلم بعدم الدليل المبطل للظاهر عدم العلم بهذا الدليل ، فإنّه لا يلزم من عدم العلم العدم. وإذا كان كذلك فلا ظاهر نسمعه إلا ويجوز وجود دليل عقلي يمنع من حمله على ظاهره ، ومع هذا التجويز لم يبق الوثوق بشيء من الظواهر.
وهو ليس بجيد ، لأنّ المراد من الكذب الإخبار بما لا يكون مطابقا مع إرادة ما دلّ اللفظ عليه ظاهرا ، وتقدير الزيادة والنقصان لا يخرجه عن الكذب مع عدم إرادته وإن كان جائزا ، وكذا التلبيس المراد به فعل ما يحصل