معه التلبيس بقصد التلبيس وإن احتمل غيره إذا لم يكن مرادا ، ونحن لا ننازع في إنزال المتشابهات لما علم أنّ ظاهرها غير مقصود له تعالى. (١)
واحتجّت الأشاعرة بوجوه :
الأوّل : أخبر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بامتناع الكذب عليه تعالى ، فيكون خبره صدقا.
الثاني : كلامه تعالى قائم بذاته ويستحيل الكذب في كلام النفس على من يستحيل الجهل عليه ، إذ الخبر يقوم بالنفس على وفق العلم ، والجهل عليه تعالى محال. وهما دليلا الغزالي. (٢)
الثالث : الصادق أكمل من الكاذب بالضرورة ، فلو كان كاذبا لكان الواحد منّا حال صدقه أكمل منه تعالى ، وهو معلوم البطلان. (٣)
الرابع : لو كان كاذبا لكان إمّا بكذب قديم فيستحيل عليه الصدق ، لكنّا نعلم أنّ من قدر على أن يخبر أنّ العالم ليس بحادث أمكنه أن يخبر بأنّ العالم حادث ، لاستلزام القدرة على المركب القدرة على المفردات ؛ وإمّا بكذب حادث ، فيكون محلا للحوادث.
اعترض على الأوّل : بأنّ العلم بصدق الرسول موقوف على دلالة المعجز على صدقه ، لأنّ المعجز قائم مقام التصديق بالقول ، فصدق الرسول مستفاد من تصديق الله تعالى إيّاه ، وذلك انّما يدلّ لو ثبت أنّه تعالى صادق ،
__________________
(١) ذكر الرازي رأي المعتزلة وناقش فيه على ما هو موجود في المحصول : ٢ / ١٣٧ ـ ١٣٩.
(٢) المستصفى من علم الأصول : ١ / ٢٦٤.
(٣) وهو ما ذهب إليه الرازي في المحصول : ٢ / ١٣٩.