إذ مع تجويز الكذب عليه لا يلزم من تصديق الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كونه صادقا ، فالعلم بصدق الرسول موقوف على العلم بصدقه تعالى ، فلو استفيد منه دار.
لا يقال : نمنع توقّف دلالة تصديقه تعالى للرسول على كونه صادقا ، لأنّ قوله أنت رسولي إنشاء ، وهو يدلّ على الرسالة فلا دور.
لأنّا نقول : تأثير الإنشاء في الأحكام الوضعية لا [في] الأمور الحقيقية ، فلا يلزم من قوله : «أنت رسولي» صدق الرسول في كلّ أقواله ، لأنّ صدق الرجل أمر حقيقي فلا يختلف باختلاف الجعل الشرعي ، فإذن لا طريق إلى معرفة صدق الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يخبر عنه إلّا من قبل كونه تعالى صادقا ، فيدور.
وفيه نظر ، لأنّ الصدق وإن كان من الصفات الحقيقية لكنّه يتوقّف على الإنشاء الذي لا يدخله الصدق ، فلا دور.
وعلى الثاني : بأنّ بحث أصول الفقه لا يتعلّق بالكلام النفساني ، بل بالمسموع المركّب من الحروف والأصوات المقطّعة ، ولا يلزم من كون النفساني صدقا كون المسموع صدقا.
سلّمنا ، لكن لم قلت : إنّ النفساني صدق ولا يلزم من انتفاء الجهل استحالة أن يخبر بالكلام النفساني خبرا كاذبا ، فإنّها برهانية لا ضرورية ، فأين البرهان؟
وفي الثالث نظر ، فإنّ هذا إنّما يتمّ على تقدير القول بالحسن والقبح العقليّين ، وهم ينكرونه.