وكون القرآن معجزا لا يعرف إلّا بدقيق النظر ، وإعجاز هذه الأشياء ظاهر فلا يقوم نقله مقام نقلها ، وكذا أقاصيص الأنبياء المتقدّمين.
والجواب : لم لا يتوقّف العلم بعدم الواقعة العظيمة على أنّها لو كانت لنقلت.
قوله : العلم بانتفاء (١) بلدة بين بغداد والبصرة ضروري ، وهذه القاعدة نظرية فلا يتوقّف عليه.
قلنا : نمنع كونه ضروريا ، ولهذا لو سئل كلّ من يدّعي عدمها ، عن سبب علمه ، لأجاب بأنّها لو كانت موجودة لاشتهر خبرها كاشتهار بغداد والبصرة ، فعلم أنّ ذلك العدم مستفاد من هذا الأصل ، والمثال ذكر للتنبيه على القاعدة الكلية ، والنقض بالإقامة.
أجاب القاضي أبو بكر (٢) بأنّ ذلك من المؤذّن ، فلعلّه كان يفرد تارة ويثنّي أخرى والراوي لم ينقل ذلك ، لأنّه نقل البعض وأهمل الباقي ، وهو استناد ذلك إلى المؤذن اعتقادا منه بسهولة هذا التساهل.
أو لأنّهم عرفوا أنّ المسألة من الفروع التي لا يوجب الخطأ فيها كفرا ولا بدعة ، فتساهلوا فيها خصوصا مع اشتغالهم بالحروب.
والجهر بالبسملة ، لعلّه من اختلاف فعله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث كان يجهر تارة ويخافت أخرى ؛ أو لأنّه يخفي صوته في ابتداء القراءة ثمّ يعلوا به بعد ذلك
__________________
(١) في «أ» : بوجود.
(٢) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ١٥٠.