ثمّ ذهبت عائشة إلى مكة فلمّا قضيت الحجّ وقربت من المدينة أخبرت بقتل عثمان ، فقالت : ثمّ ما ذا؟ فقالوا : بايع الناس علي بن أبي طالب ، فقالت عائشة : قتل والله مظلوما وأنا طالبة بدمه ، والله ليوم من عثمان خير من علي الدهر كلّه.
فقال لها عبيد بن أمّ كلاب (١) : ولم تقولين ذلك؟ فو الله ما أظن أنّ بين السماء والأرض أحدا في هذا اليوم أكرم على الله من علي بن أبي طالب فلم تكرهين ولايته؟ ألم تحرضين الناس على قتله وقلت : اقتلوا نعثلا فقد كفر ، فقالت عائشة : إن قلت ذلك فقد رجعت عمّا قلت ، وذلك أنّكم أسلمتموه حتى إذا جعلتموه في القبضة قتلتموه ، فو الله لأطلبنّ بدمه ، فقال لها عبيد بن أمّ كلاب : هذا والله تخليط يا أمّ المؤمنين.
وأيضا الخصومة العظيمة التي كانت بين عبد الله بن مسعود وأبي ذر وعمّار وبين عثمان ، والخصومة الّتي كانت بين عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت حتى آل الأمر إلى الضرب والنفي عن البلد واللعن ، وكلّ ذلك يقتضي توجه القدح إلى عدالة بعضهم.
وأيضا مقتل عثمان والجمل وصفين.
قالت الخوارج : رأينا المحدّثين يجرحون الراوي بأدنى سبب ، ومع علمهم بهذه القوادح يقبلون رواياتهم ويعملون برواية القادح والمقدوح
__________________
(١) هو عبيد بن سلمة الليثي ، سمع من عمر بن الخطاب ، وهو الّذي خرج من المدينة بقتل عثمان فاستقبل عائشة بسرف فأخبرها بقتله وبيعة الناس لعلي عليهالسلام فرجعت إلى مكة ، وكان علويا. الطبقات الكبرى : ٥ / ٨٨ ؛ الإصابة : ٥ / ٩٠ برقم ٦٤١٣.