وفيه نظر ، لإمكان اتّصاف غير العالم بما ينافي العلم كما شرط المرتضى في إفادة التواتر العلم عدم السبق بشبهة تخالف الخبر.
احتج المخالف بوجوه (١) :
الأوّل : قال تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(٢) نهى عن اتّباع غير العلم ، وقد أجمعنا على قبول خبر الواحد ، فلو لم يفد العلم لكان الإجماع منعقدا على مخالفة النص ، وهو باطل.
الثاني : ذمّ تعالى اتّباع الظنّ ، فلو لم يفد خبر الواحد العلم لدخل العامل به تحت الذم.
الثالث : لو لم يفد العلم لما أوجبه ، وإن كثر العدد إلى حد التواتر ، لأنّ ما جاز على الأوّل جاز على ما بعده.
الرابع : لو لم يفد العلم ، لما شاع قتل المقر على نفسه بالقتل ، ولا بشهادة اثنين عليه لكونه قاضيا على دليل العقل وأصالة البراءة.
قال علي عليهالسلام : «ما حدّثني أحد بحديث إلّا استحلفته إلّا أبا بكر» (٣).
وقطع بصدقه وهو واحد. هذه حجّة من فرق بين خبر وخبر.
والجواب عن الأوّل والثاني : أنّ الإجماع دلّ على وجوب العمل بخبر
__________________
(١) ذكرها الآمدي أيضا والأجوبة عنها في الإحكام : ٢ / ٥١ ـ ٥٣.
(٢) الإسراء : ٣٦.
(٣) تفسير الطبري : ٤ / ١٢٩. والرواية ضعيفة ، ولعلمائنا عليها طعون وردود ، راجع تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى : ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ؛ الإيضاح للفضل بن شاذان : ٥١٨ ؛ الفصول المختارة : ٣٣٣.