قبول قول العدل ، وربّما كان كاذبا أو غالطا ، وردّ قول الفاسق وقد يكون صادقا ؛ بل نعني بالمقبول ما يجب العمل به ، وبالمردود ما لا تكليف علينا في العمل به.
إذا عرفت هذا فنقول : الصبي المميّز لا تقبل روايته ، لأنّ الفاسق لا تقبل روايته ، فأولى أن لا تقبل رواية الصبي ، فإنّ الفاسق يخاف الله والصبي لا يخاف الله تعالى لانتفاء التكليف في حقّه.
ولأنّه لا يحصل الظنّ بقوله ، فلا يجوز العمل به ، كالخبر عن الأمور الدنيوية.
ولأنّ الصبي إن لم يكن مميّزا لم يتمكّن من الاحتراز عن الخلل ، ولم تحصل الثقة بإخباره ، وإن كان مميزا عرف أنّه غير مكلف وأنّه لا زاجر له عن الكذب ، فلا يحترز عنه.
لا يقال : يقبل قول الصبي في إخباره عن كونه متطهّرا حتى يجوز الاقتداء به في الصلاة.
لأنّا نقول : نمنع الاقتداء به أوّلا.
سلّمنا ، لكن صحّة صلاة المأموم ليست موقوفة على صحّة صلاة الإمام.
إذا ثبت هذا فنقول : إنّما يعتبر البلوغ عند الأداء لا التحمّل ، فلو كان صبيّا وقت التحمّل ، بالغا عند الرواية وضبط ما سمعه طفلا ، قبلت روايته بوجوه (١) :
__________________
(١) ذكر هذه الوجوه أيضا الرازي في المحصول : ٢ / ١٩٤ ؛ والآمدي في الإحكام : ٢ / ٨٤.