وقال أبو حنيفة وأصحابه : يكفي في قبول الرواية الإسلام ، وسلامة الظاهر عن الفسق.
لنا وجوه (١) :
الأوّل : الدليل يقتضي نفي العمل بخبر الواحد ، لقوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٢) ، خالفناه في حق من عرفنا عدالته ، لقوة الظن هناك ، فيبقى المجهول على الأصل.
الثاني : عدم الفسق شرط جواز الرواية ، لقوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(٣) دلّ على المنع من قبول رواية الفاسق ، فيجب أن يكون العلم بعدم الفسق شرطا لجواز الرواية ، لأنّ الجهل بالشرط يوجب الجهل بالمشروط ، والمجهول حاله لا يعلم تحقّق الشرط فيه فلا يعلم جواز الرواية فيه.
الثالث : الدليل ينفي جواز العمل إلّا إذا قطعنا بأنّ الراوي ليس بفاسق ترك العمل به فيما إذا غلب على ظنّنا أنّه ليس بفاسق بكثرة الاختبار ، فيبقى فيما عداه على الأصل.
بيان الثاني : أنّ عدم الفسق شرط جواز الرواية ، فالعلم به شرط ، لأنّ جهل الشرط يقتضي جهل المشروط.
وبيان الفارق : أنّ العدالة من الأمور الباطنة لا يمكن الاطّلاع عليها
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ١٩٨ ـ ١٩٩ ؛ والآمدي في الإحكام : ٢ / ٩٠.
(٢) النجم : ٢٨.
(٣) الحجرات : ٦.