الدور ، لأنّه لا يمكنكم العلم بأنّ الراوي ما أطلق هذه اللفظة إلّا بعد علمه بمراد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا إذا علمتم أنّه حجّة وأنتم إنّما أثبتم كونه حجّة بذلك ، فلزم الدور. وأيضا فقول الراوي : أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بكذا لا يدلّ على أنّه أمر للكلّ أو البعض ، وهل هو أمر دائم أو غير دائم؟ فلا يجوز التمسّك به إلّا بانضمام قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : حكمي على الواحد حكمي على الجماعة. (١)
المسألة الرابعة
لو قال الصحابي : أمرنا بكذا أو نهانا عن كذا ، وأوجب كذا وأبيح كذا وحرّم كذا.
اختلفوا ، فقال الشافعي وجماعة أخرى : إنّه يفيد أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الآمر ، وخالف فيه الكرخي وجماعة أيضا. والظاهر الأوّل. (٢)
لنا وجهان :
الأوّل : تبادر الذهن إليه عند قول متبع الرئيس : أمرنا بكذا أو نهينا ، إذ كلّ أحد يحمل كلامه على أمر رئيسه ، ولو قال من يعتاد خدمة السلطان : أمرنا بكذا في دار السلطان فهم نسبة الأمر إلى السلطان.
الثاني : دلالة الألفاظ تابعة للأغراض والمقاصد ، فإذا عرف أنّ غرض المتكلّم من لفظه شيء يحتمله حمل عليه ، ومن المعلوم أنّ غرض الصحابي أن يعرّفنا الشرع ، فيحمل لفظه على من يصدر الشرع عنه دون
__________________
(١) راجع الإحكام : ٢ / ١٠٨.
(٢) وهو مذهب الآمدي في الإحكام : ٢ / ١٠٩.