المسألة الثالثة :
لو قال الصحابي : أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بكذا أو نهى عن كذا ، كان أقلّ مرتبة من السابقة لتطرّق الاحتمال الأوّل مع مريد (١) آخر ، وهو أنّ الناس قد اختلفوا في صيغ الأوامر والنواهي ، فقد يظن ما ليس بأمر أمرا ، واختلف في أنّه حجّة أم لا.
وكذا اختلفوا لو قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يأمر بكذا أو ينهى عن كذا.
فإنّ الاحتمال الأوّل وإن انتفى عنه لكن الثاني متطرّق إليه ، والأكثر على أنّه حجّة ، لأنّ الظاهر من حاله أنّه لا يطلق هذه اللفظة إلّا إذا تيقّن مراد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّ الظاهر من حال الصحابي مع معرفته وعدالته واطّلاعه على أوضاع اللغة أن يكون عارفا بمواقع الخلاف والوفاق ، فحينئذ لا ينقل إلّا ما تحقّق أنّه أمر أو نهي من غير خلاف ، دفعا للتدليس بنقل ما يوجب على سامعه اعتقاد الأمر والنهي فيما لا يعتقده أمرا ونهيا ، وهو يقدح في عدالته.
وقيل : إنّه ليس حجّة ، ولا يلزم في الإطلاق اشتراط العلم بمراد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل يكفي الظن. وقولكم : لو أطلق الراوي مع تجويز خلافه كان قد أوجب على السامع ما ليس بواجب ، وهو يقدح في عدالته ، يستلزم
__________________
(١) في «ب» : مزيد.