المسألة الخامسة
إذا قال الصحابي من السنّة كذا ، ذهب الأكثر (١) إلى أنّه محمول على سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، خلافا للكرخي للوجهين السابقين في المسألة الرابعة.
احتجّ الكرخي بوجهين : (٢)
أ. قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها» (٣) ، وأراد سنّة غيره.
ب. السنّة مأخوذة من الاستنان ، وهو غير مختصّ بشخص دون آخر.
والجواب : لا نمنع ذلك بحسب الوضع اللغوي ، لكن نحن نقول : إنّه بحسب عرف الشرع يفيد ما قلناه ، ولو قال الصحابي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حمل على أنّه سمعه ظاهرا. وقيل : يحتمل أنّه أخبره آخر عن الرسول وهو لم يسمعه منه ، ولا ريب في تطرّق الاحتمال ، لكن الأوّل أظهر.
ولو قال الصحابي : كنّا نفعل كذا أو كانوا يفعلون كذا ، كقول عائشة : كانوا لا يقطعون في الشيء النادر.
وكقول إبراهيم النخعي : كانوا يحذفون التكبير حذفا ، حمل عند الأكثر
__________________
(١) وهو مذهب الآمدي في الإحكام : ٢ / ١١٠.
(٢) ذكرهما الرازي في المحصول : ٢ / ٢٢٠.
(٣) مسند أحمد : ٤ / ٣٦١ و ٣٦٢ ؛ سنن الدارمي : ١ / ١٣٠ و ١٣١ ؛ بحار الأنوار : ٧١ / ٢٠٤ وج ٧٤ / ١٦٤.