على فعل الجماعة دون بعضهم ، خلافا لبعض الأصوليّين ؛ (١) لأنّ الظاهر من حال الصحابي أنّه إنّما أورد ذلك فى معرض الاحتجاج ، وإنّما يكون حجّة لو كان ما نقله مستندا إلى فعل الجميع ، فإنّ فعل البعض ليس حجّة على البعض الآخر.
لا يقال : لو كان ذلك مستندا إلى فعل الجميع لكان إجماعا ، ولما ساغ مخالفته بطريق الاجتهاد.
لأنّا نقول : تسويغ الاجتهاد فيه ، لأنّ إضافة ذلك إلى الجميع أمر ظنّي لا قطعي ، كما يسوغ الاجتهاد فيما يرويه الواحد من الألفاظ القاطعة في الدلالة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما كان الطريق مظنونا ، ولو كان معلوما بالتواتر لم يسغ فيه الاجتهاد.
والأولى التفصيل وهو أنّه إن قصد بهذا الكلام : أن يعرّفنا شرعا ، ولا يكون كذلك ، إلّا وقد كانوا يفعلونه في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع علمه بذلك ، وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينكره عليهم ، اقتضى كونه شرعا.
وإن لم يعرف ذلك لكنّه قال قولا كان للاجتهاد فيه مجال ، فإن كان عدلا ثقة اقتضى حسن الظنّ به أن يكون قاله عن طريق ، لكن الوجه أنّه لا يكون حجّة ؛ وإن لم يكن للاجتهاد فيه مجال فليس إلّا لسماعه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) نقله عنهما الآمدي في الإحكام : ٢ / ١١١.