الشرع ، ونقله أولى من نقل اختلافهم في مسائل جزئية ، ولو نقل لاشتهر ولوصل إلينا لتوفر الدواعي عليه. وإنّما قلنا : إنّه إجماع ، لأنّ السكوت ليس للخوف بشدة انقيادهم إلى الحق ، ولأنّ بعضهم خالف ، فلو كان هناك خوف يمنع من إظهار ما في قلوبهم لم يخالفوا ، فهو عن (١) الرضا.
والاعتراض من وجوه : (٢)
الأوّل : لا نسلم أنّ أحدا من الصحابة ذهب إلى القياس ، والروايات الّتي ذكرتموها لا يزيد رواتها على المائتين ، وهو لا يفيد القطع بالصحة ، لاحتمال تواطؤ هذا القدر على الكذب ، والأحاديث المستدلّ بها على أعيان المسائل مشهورة لكن لمّا انتهت إلى الواحد والاثنين لم نقطع بها ، فكذا هنا.
لا يقال : الأمّة بين معترف بها ، ومتأوّل ، فيلزم اتّفاقهم على النقل.
لأنّا نقول : سبق عدم إفادة مثل هذا الجزم بالصحّة.
الثاني : نمنع دلالة الأحاديث على العمل بالقياس ، فقول عمر : اعرف الأشباه والنظائر وقس الأمور برأيك ، ليس في «اعرف الأشباه» حجّة ، لأنّه تعالى قد نصّ على حكم كلّ جنس ونوع ، فيجب على المستدلّ معرفة الأشباه والنظائر ليدرج الشيء تحت جنسه ولا يخرجه منه. وقد يحصل الاشتباه فيفتقر إلى التأمّل الكثير.
ولا في قوله : «وقس» لأنّ القياس في اللغة التسوية ، فمعنى قس الأمور
__________________
(١) في «أ» : عين.
(٢) كما في المحصول : ٢ / ٢٦٦ ـ ٢٧٩.