برأيك : اعرض الأشياء على فكرتك ، والفكر استحضار علوم أو ظنون ليتوصّل به إلى تحصيل علم أو ظن ، فالمتفكّر يريد التسوية بين النتيجة المجهولة والمقدمات المعلومة ، ليصير المجهول معلوما. وهو متعيّن ، لأنّ الرأي هو الرويّة ، فقوله : «قس الأمور برأيك» معناه : سوّ الأشياء برويّتك والتسوية بالرويّة عبارة عمّا قلناه ، فيرجع الأمر إلى أنّه أمره بأن لا يحكم بالتشهّي ، والتمنّي ، بل بالاستدلال ، وليس ذلك عبارة عن القياس الشرعي.
سلّمنا إرادة تشبيه الفرع بالأصل ، لكن كما يحتمل أن يكون المراد التشبيه في ثبوت الحكم كذا يحتمل إرادة التسوية في عدم إثبات الحكم في الفرع إلّا بالنصّ.
وأمّا تشبيه ابن عباس فيمنع أنّه جمع بين الأمرين بعلّة قياسية ، فجاز أن يكون الإنكار لأجل أنّه كما يسمّي النافلة بالابن مجازا ، وكفى هذا الاسم المجازي في اندراج النافلة تحت قوله : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ)(١) ، كذا الجد يسمّى أبا مجازا فجاز الاكتفاء بهذا الاسم المجازي في الاندراج تحت : (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ)(٢).
ويؤيده نسبة ابن عباس زيدا إلى مفارقة التقوى ، وتارك القياس لا يكون كذلك ، بل تارك النصّ ، ووجه ترك زيد النص ما قلناه.
وأمّا ذهاب كلّ منهم إلى ما صار إليه ، فجاز أن يستند إلى ما ظنه نصّا ، سواء أصاب في ظن دلالته أو أخطأ.
__________________
(١ و ٢) النساء : ١١.