ونمنع وجوب النقل والاشتهار والوصول إلينا.
ولا يلزم من تعظيمهم للنص اقتضاء ظهور النصّ الّذي لأجله ذهبوا إلى ذلك القول ؛ لأنّ التعظيم إنّما يقتضي الإظهار عند الحاجة إلى إظهاره ، وهي منتفية ، لأنّ الحاجة ليست مع المناظر هنا لعدم اجتماعهم في محفل للمناظرة ، ولم تجر عادتهم بذلك. ولا مع المستفتي لانتفاء الفائدة بذكره معه.
سلّمنا أنّ شدّة التعظيم تقتضي إظهار النص ، لكن بشرط أن يتمكّن السامع من الانتفاع به ، ولم يوجد هناك ، لأنّه إذا روى ذلك النصّ ، كان خبر واحد وليس بحجة ، فلا فائدة في إظهاره.
الثالث : سلّمنا أنّه يجب الإظهار ، لكن إذا كان جليا ، لأنّ الداعي إنّما يحصل في إظهار دليل المذهب لو كان ظاهرا قويا ، أمّا إذا كان خفيا فلا.
الرابع : سلّمنا دلالة ما ذكرتموه على المطلوب ، لكنّه معارض بأنّه لو كان ذهابهم إلى مذاهبهم لأجل القياس لوجب عليهم إظهاره كالنص ، ولم ينقل عن أحد من الصحابة القياس الذي لأجله ذهب إلى ما ذهب إليه.
لا يقال : الفرق أنّ القياس لا يجب اتّباع العالم فيه بخلاف النص.
لأنّا نقول : القياس الجلي يجب الاتباع فيه ، وإلّا لما حسنت المناظرة بين القائسين.
الخامس : لا نسلّم أنّهم لم يظهروا النصوص ولا يجب الاشتهار ، لأنّه ليس من الوقائع العظام الّتي يجب توفّر الدواعي على نقلها.