لا يقال : لما توفّرت الدواعي على نقل مذاهبهم ، مع انتفاء الفائدة فيها ، فنقل الأدلّة مع ما فيها من الفوائد أولى.
لأنّا نقول : لم نمنع من نقل الأمور الّتي لا تكون عظيمة ، بل لم يوجبه ، وبينهما فرق.
السادس : سلّمنا أنّه من الأمور العظيمة ، لكن لا يجب نقلها ، كالمعجزات ، وأمر الإقامة في التثنية والإفراد مع ظهوره مع أنّه لم ينقله إلّا واحد واثنان ، فجاز أن لا ينقله ذلك الواحد أيضا.
السابع : سلّمنا أنّها لو اشتهرت لنقلت ، لكن نمنع عدم النقل ، ولا يجب أن يعرفه كلّ أحد فإنّه لا يمكن ادّعاء معرفة كلّ واحد بما نقل عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة ، فجاز أن يكون البعض يعرفه.
الثامن : سلّمنا أنّه لو نقل لعرفه كلّ أحد ، لكن لا نسلم أنّا لا نعرفه ، فإنّ من قال في مسألة الحرام أنّه يمين ذهب إلى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ) إلى قوله (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ)(١). وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حرّم على نفسه مارية القبطية فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وسمّاه يمينا.
ومن قال لا اعتبار به تمسّك بقوله تعالى : (لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ)(٢) والنهي يدلّ على الفساد ، أو البراءة الأصلية.
ومن قال : إنّه كالطلاق ثلاثا زعم أنّه قد يجعل كناية عن الطلاق ،
__________________
(١) التحريم : ١ ـ ٢.
(٢) المائدة : ٨٧.