العاشر : لا نسلّم أنّ الرأي هو القياس ، لأنّه مرادف للرؤية ، فلا يكون حقيقة في القياس ، دفعا للاشتراك. وإذا لم يكن في اللغة للقياس ، فكذا في عرف الشرع ، لأنّ النقل على خلاف الأصل.
ولأنّ الرأي لو كان اسما للقياس لكان اللفظ المشتق منه دليلا على القياس ، فيكون معنى فلان يرى كذا أي يقيس ، وهو معلوم البطلان.
وقال أبو بكر : «أقول في الكلالة برأيي» (١) ليس بالقياس ، لأنّ اللغة لا تفسّر بالقياس.
الحادي عشر : سلّمنا التقابل بين النص والرأي لكن نمنع وجوب كون الرأي قياسا ، فإنّ النص هو اللفظ الدال على الحكم دلالة جلية ، فما لا يكون كذلك لا يكون نصا ، فجاز أن يكون استدلالا لفظيا خفيا. وبالجملة الحصر بين النص والقياس ممنوع.
الثاني عشر : سلّمنا عمل البعض ، لكن نمنع عدم الإنكار ، فإنّه قد نقل إنكار الرأي والقياس وذم من أثبت الحكم بغير الكتاب والسنّة ، وهو مشهور عندهم على ما تقدّم في الفصل السابق.
لا يقال : الذين نقلتم عنهم منع القياس نقلنا نحن عنهم العمل به ، فلا بدّ من التوفيق وليس إلّا المنع من العمل به إلّا مع شرائط خاصة.
__________________
(١) تأويل مختلف الحديث : ٢٦ ؛ معرفة السنن والآثار : ٥ / ٤٩ ؛ شرح نهج البلاغة : ١٧ / ٢٠١ ؛ نصب الراية : ٥ / ٤٠ ؛ كنز العمال : ١١ / ٧٩ برقم ٣٠٦٩١ ؛ تفسير الطبري : ٤ / ٣٧٦ ؛ تفسير ابن كثير : ١ / ٤٧٠ ؛ المحصول : ٢ / ٢٧٣ ؛ المستصفى : ٢٨٧.