الظن مقام العلم في وجوب العمل ، فلا فرق بين أن يتواتر النقل عن الشرع بالأمر بالقياس وبين أن يخبرنا من يظن صدقه في وجوب العمل.
وفيه نظر ، فإنّ الظنّ إنّما يحصل مع عدم المعارض ، وقد بيّنا النقل عمّن نقلتم عنه بالمنع من العمل بالقياس على سبيل التصريح ، فإن لم يكن راجحا فلا أقل من المساواة ، فيمتنع حصول الظن والعلم.
وعن الثاني : أنّ مقدّمة كلام عمر ومؤخّرته تبطل حمل قوله : (اعرف الأشباه) على معرفة الجنس ليندرج فيه أنواعه ويخرج عنه غيرها ، وهو قوله : «الفهم عند ما يختلج في صدرك ممّا لم يبلغك في كتاب ولا سنّة اعرف الأشباه والنظائر ، وقس الأمور عند ذلك ، ثمّ اعمد إلى أحبّها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى». وهو صريح في الأمر بالقياس الشرعي.
وهو جواب عن تجويز إرادة تشبيه الفرع بالأصل في عدم استفادة حكمه من غير النص ، وتجويز إرادة المجاز في تسمية الجد أبا باطل ، فإنّه لا يجوز أن يكون إنكار ابن عباس على زيد لأجل امتناعه من المجاز في أحد الموضعين دون الثاني ، لأنّ حسن المجاز في أحد الموضعين لا يوجب القطع به في الثاني. وإذا لم يكن الإنكار على التفرقة في إطلاق اسم المجازي توجّه إلى التفرقة في الحكم الشرعي ، فيكون تصريحا بالقياس الشرعي.
وجاز أن يكون هذا القياس جليّا عند ابن عباس واعتقد أنّ الخطأ فيه مخرج عن التقوى ، فلهذا حكم عليه بمفارقة التقوى فيه ، أو أنّه محمول على المبالغة.