وإذا ثبت هذا ، فهو محال في حقّه تعالى ، لأنّ كلّ فاعل لغرض مستكمل به ، لأنّ حصول ذلك الغرض ولا حصوله بالنسبة إليه في اعتقاده إن استويا استحال أن يكون غرضا ، وإن كان أحدهما أولى كان حصول تلك الأولوية معلّقا بفعل ذلك الغرض ، وكلّ معلّق على غيره ليس واجبا لذاته ، فحصول ذلك الكمال غير واجب لذاته فهو ممكن ، فلا يكون كماله تعالى صفة واجبة ، بل ممكنة الزوال ، وهو محال.
لا يقال : حصول ذلك الغرض وعدمه سواء بالنسبة إليه تعالى وليس سواء بالنسبة إلى الغير فيفعله تعالى لغرض عائد إلى الغير لا إليه.
لأنّا نقول : كونه فاعلا للفعل الّذي هو أولى بالعبد ، وكونه غير فاعل له ، إن تساويا بالنسبة إليه تعالى من كلّ الوجوه ، استحال أن يكون داعيا له إلى الفعل. ثمّ لا يصحّ من المعتزلة ، لقولهم : لو لم يفعل لاستحقّ الذم ولما كان مستحقا للمدح. وإن كان أحدهما أولى به عاد الإشكال.
وأيضا البديهة حاكمة بانحصار الغرض في جلب النفع ودفع المضرة ، والمنفعة هي اللّذة أو ما يكون وسيلة إليها ، والمضرّة الألم أو ما يكون وسيلة إليه ، والوسيلة إلى اللّذة مطلوبة بالعرض والمطلوب بالذات هو اللّذة.
وكذا وسيلة الألم مهروب عنها بالغرض ، والمهروب عنه بالذات الألم خاصّة ، فرجع حاصل الغرض إلى تحصيل اللّذة ، ورفع الألم ، والله تعالى قادر على تحصيل كلّ لذّة ودفع كلّ ألم من غير واسطة ، فيستحيل أن يكون فاعليّته لشيء لأجل تحصيل اللّذّة ودفع الألم ، لأنّ الشيء إنّما يعلّل بغيره لو لزم من عدم ما فرض علّة ، أو ما يقوم مقامها عدمه وإلّا انتفت العلّيّة ولهذا لم