يثبت علّيّة صرير الباب ونعيق الغراب للسماء والأرض.
وإذا ثبت هذا فنقول : لمّا لم تكن فاعليّته تعالى لتحصيل اللّذات ودفع الآلام متوقّفة على هذه الوسائط ، ولم تكن فاعليّته للوسائط متوقّفة على فاعليّته لتلك اللّذات والآلام ، استحال تعليل أحدهما بالآخر. وإذا بطل التعليل بطل كونها داعية لما بيّنّا أنّ الداعي علّة لعلّيّة العلّة الفاعلية.
وأمّا المعرّف فإنّه باطل أيضا ، لأنّا إذا قلنا : الحكم في الأصل معلّل بكذا لم يرد المعرّف وإلّا لصار معنى الكلام : الحكم في الأصل إنّما عرف ثبوته بواسطة الوصف الفلاني ، وهو باطل ، لأنّ علّيّة الوصف لذلك الحكم لا تعرف إلّا بعد معرفة ذلك الحكم ، فكيف يكون الوصف معرّفا؟
والجواب (١) : أمّا الأشاعرة فإنّهم يفسّرون العلّة بالمعرّف.
قوله : الحكم معرّف بالنص ، ولا يمكن كون الوصف معرّفا له.
قلنا : الحكم الثابت في محلّ الوفاق فرد من أفراد ذلك النوع من الحكم ثمّ بعد ذلك يجوز قيام الدلالة على كون ذلك الوصف معرّفا لفرد آخر من أفراد النوع من الحكم.
وعلى هذا التقدير لا يكون ذلك تعريفا للمعرّف. ثمّ إذا وجدنا ذلك الوصف في الفرع حكمنا بحصول ذلك الحكم ، كما أنّ الدليل لا ينفك عن المدلول.
__________________
(١) ذكره الرازي في المحصول : ٢ / ٣١٠ ـ ٣١١.