الأوّل : أن تدخل الفاء على العلّة ويكون الحكم متقدّما ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المحرم الّذي وقصت به ناقته : «لا تقربوه طيبا فإنّه يحشر يوم القيامة ملبّيا».
الثاني : أن تدخل الفاء على الحكم وتكون العلّة متقدّمة إمّا بأن تدخل على كلام الشارع ، مثل (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ،) أو على كلام الراوي ، مثل : «فرجم» ، وقد ذهب القائسون إلى أنّها تدلّ على أنّ ما رتّب عليه الحكم بها يكون علّة للحكم ، لأنّ الفاء للتعقيب ويلزم منه السببيّة ، إذ لا معنى لكون الوصف سببا إلّا ما ثبت الحكم عقيبه.
وليس ذلك بجيد ، لأنّ موضوع الفاء التعقيب ، وكما تكون في الأسباب تكون في غيرها ، بل في ضدها ، كما يقال : «أحسنت إليك فظلمتني» ، وقد ترد لمطلق الجمع بمعنى الواو.
تذنيب
قالوا : دخول الفاء في كلام الشارع أبلغ في إفادة العلّيّة من قول الراوي ، إذ يتطرّق إلى الراوي من الخلل ما لا يتطرّق إلى الشارع ، وما ورد في كلام الراوي يتفاوت في القوة والضعف (١) ، فالراوي الفقيه أقوى وغيره يحصل به ظن أيضا ، لأنّ تديّنه وعلمه بكون الفاء للتعقيب يقتضيان أنّه لو لم يفهم سببيّة الزنا للرجم لما رتّب الرجم عليه بالفاء لما فيه من التلبيس بنقل
__________________
(١) القائل هو الرازي في المحصول : ٢ / ٣١٥.