الثاني : أن يذكر وصفا في محل الحكم لا حاجة إلى ذكره ابتداء ، فيعلم أنّه إنّما ذكره لكونه مؤثّرا في الحكم ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ثمرة طيبة وماء طهور» (١) حين توضّأ بماء كان قد نبذ فيه تمر ، فإنّه لو لم يقدر كون ما ذكره علّة لجواز الوضوء به وإلّا كان ذكره حشوا.
وفيه نظر ، لجواز أن يذكر ذلك لنفي المانعية لا لإثبات العلّيّة.
الثالث : أن يقرر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على وصف الشيء المسئول عنه ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أينقص الرطب إذا جف؟» لمّا سألوه عن بيع الرطب بالتمر ، فقالوا : نعم ، فقال : «فلا إذن» (٢).
وفيه دلالة وتنبيه على العلّية من ثلاثة أوجه :
أ. لو لم يقدّر النقصان علّة كان السؤال عنه عبثا.
ب. رتّب الحكم عليه بفاء التعقيب.
ج. قوله : «فلا إذن» وإذن للتعليل لغة.
وفيه نظر ، لأنّه دخل في قسم المنصوص.
الرابع : أن يقرّر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على حكم ما يشبه المسئول عنه ، وينبّه على وجه الشبه ، فيعلم أنّ وجه الشبه هو العلّة في ذلك الحكم ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمر وقد سأله عن قبلة الصائم هل يفطر أم لا؟ فقال : «أرأيت لو تمضمضت
__________________
(١) فتح الباري : ١ / ٣٠٥.
(٢) سنن أبي داود : ٢ / ١١٥ برقم ٣٣٥٩ ؛ سنن الترمذي : ٢ / ٣٤٨ برقم ١٢٤٣ ؛ سنن النسائي : ٧ / ٢٦٩ ؛ السنن الكبرى : ٥ / ٢٩٤.