من ذلك ويقع الكلام في هذا المقام في مواضع :
الموضع الاول : في الوجوه المذكورة لاثبات عدم اعتبار الخبر الواحد : الوجه الاول : الاجماع المنقول على عدم اعتباره وفيه : اولا انه ثبت قريبا عدم حجية الاجماع المنقول والمحصل فلا يكون قابلا للاستدلال به وثانيا : الاستدلال المذكور يستلزم الخلف اذ الكلام في اعتبار الخبر الواحد فكيف يمكن اثبات عدم اعتباره بالاجماع المنقول بالخبر الواحد فالاستدلال المذكور غير تام.
الوجه الثاني : استصحاب عدم كونه حجة فان اعتبار الخبر مسبوق بالعدم ومقتضى الاستصحاب عدم جعل الشارع الخبر الواحد حجة.
ويرد عليه : اولا انه ان تم الدليل على اعتباره فلا تصل النوبة الى الاستصحاب كما هو ظاهر وان لم يتم يكفي لاثبات عدم الاعتبار مجرد الشك فيه فانه قلنا سابقا ان الشك في الحجية مساوق مع القطع بعدمها وثانيا : كيف يمكن الاستدلال بالاستصحاب والحال ان اعتبار الاستصحاب يتوقف على اعتبار الخبر الواحد فانه لو لا الخبر الواحد لا يكون دليل على اعتبار الاستصحاب.
الوجه الثالث : الآيات الدالة على المنع عن العمل بالظن كقوله تعالى (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) وقوله تعالى (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٢) فان الآيات الدالة على النهي عن العمل بالظن تدل على عدم اعتبار الخبر الواحد.
وفيه : اولا ان هذه الآيات ظاهرة بحسب الفهم العرفي في الارشاد الى أن اللازم تحصيل المؤمن والحجة ولا بد من الاعتماد بركن وثيق في دفع الضرر المحتمل وامكان الابتلاء بالعذاب الالهي فلا يكون مفادها حكما مولويا ونهيا عن العمل بالظن كى يقال انها
__________________
(١) الاسراء / ٣٦.
(٢) النجم / ٢٨.