ويلزم من ذلك استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، إذ الجامع القريب موجود وهو مجرّد العمل بهما حسبما ذكرنا.
ومن ذلك ظهر ما في كلام بعض حيث إنّه قال ما محصّله : إنّ مرادهم من الجمع في القضية المذكورة مشتبه ، ولا يعلم أنّه الجمع العملي أو الدلالي ، وذلك لأنّه لا يمكن تشخيصه بالعنوان لإجماله ، ولا بالأدلة التي أقاموها لاختلافها في ذلك ، حيث إنّ دليل العلّامة (١) من أنّ دلالة اللفظ على تمام معناه أصليّة .. إلى آخره ؛ ناظر إلى الجمع الدلالي ، وما ذكره الشهيد في التمهيد (٢) من أنّ الأصل في الدليلين الإعمال ناظر إلى الجمع العملي ، والثمرة أيضا مختلفة لا يمكن تشخيص المراد بها ، فلا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقن ، وهو الجمع الدلالي العملي ، بأن يكون ممّا يتصرف في مدلوله ويتبعض من حيث العمل ، كالتخصيص والتقييد في العام والخاص والمطلق والمقيّد.
وذلك لأنّ النسبة بين الجمعين وإن كانت بالتباين من حيث المفهوم ، إلا أنّها (٣) بحسب الصدق بينهما عموم من وجه ، إذ قد يتصادقان كما في العام والخاص ، وقد يتفارق الدلالي ؛ كما لو حمل أحد الدليلين على ما لا يترتب عليه حكم شرعي في مقام العمل كحمل أخبار التوقف في مسألة أصل (٤) البراءة على زمان الحضور ، أو على أصول الدين ، وحمل أخبار البراءة على زمان الغيبة ، أو غير أصول الدين ، وكذا حمل أخبار التوقف في علاج المتعارضين على زمان الحضور ، وحمل أخبار التخيير على زمان الغيبة ، فإنّ هذا الجمع جمع دلالي وليس عمليا ، إذ لا تتعلق أخبار التوقف حينئذ بعمل المكلّف الذي في زمان الغيبة ، كالجموع التبرعيّة للشيخ في الإستبصار.
وقد يتفارق العملي عن الدلالي كما فيما لا يمكن حمله على خلاف دلالته كالنصّين إذا أمكن التبعيض فيهما في مقام العمل ، وبينها بحسب المورد عموم
__________________
(١) ذكره في نهاية الوصول (مخطوط) : ٤٥٣ ، وحكاه عنه : قوانين الأصول : ٢ / ٢٧٩.
(٢) تمهيد القواعد : ٢٨٣.
(٣) في نسخة (ب) : أنّهما.
(٤) لا توجد هذه الكلمة «أصل» في نسخة (ب).