بالنص في مقابل الظاهر ، بل هو أحسن من الجموع التي ذكرها ، إذ هو أوفق بالقواعد حيث إنّ أخبار التوقف لا تفيد أزيد من الرخصة ، وأخبار التوقف ليست إلا ظاهرة في وجوب التوقف ، ولعلّ وجه عدوله ـ على ما حكي عنه ـ أنّه (١) إذا جاز الأخذ بكلّ من الخبرين ، وكانا حجّة فلا معنى لاستحباب ترك العمل بهما ، بل كما هو (٢) مفاد أخبار التوقف ، إذ مع وجود الحجّة لا بدّ من الأخذ بها.
وجوابه أنّ الوجوب في المقام إرشادي لتحصيل الواقع ، فإذا أمكن إدراكه بالتوقف والاحتياط فلا بأس به ، ولذا نقول لو دلّ خبر بلا معارض على عدم وجوب شيء يجوز الإتيان به ، بل يستحب احتياطا ، وهذا واضح ، مع أنّ مفاد أخبار التخيير بمقتضى مذهبه ليس أزيد من الرخصة في تطبيق العمل على كل واحد منهما بالتخيير العملي ، وهذا لا يفيد حجيّة شيء من الخبرين ، مع أنّ مقتضى الجمع بين الأدلّة الحجيّة على هذا الوجه ، لا الحجية المطلقة ، بمعنى أنّه يجوز أن يجعل حجّة لكنّ الأرجح عدمه ؛ فتدبّر!.
وبالجملة أولويّة هذا الجمع وأوفقيّته للقاعدة لا يخفي ؛ فلا وجه لترك التعرض لها في مقام الجمع بين الجموع.
وسادسها : أنّه جعل أخبار التوقف أظهر في الدلالة على ترك الأخذ بالخبرين في مقام الفتوى من أخبار التخيير في الدلالة على الأخذ ، مع أنّ الأمر بالعكس ؛ إذ أظهريّة أخبار التوقف مسلّمة في خصوص تعيين الواقع ، وأنّه لا يجوز الإفتاء بأنّ مؤدي هذا الخبر ـ مثلا ـ هو الواقع فقط (٣) ، كالأخذ به في صورة وجود المرجّحات لا في مطلق الأخذ.
بيان ذلك : إنّ أخبار التوقف تدلّ على وجوبه في مقام تعيين حكم الواقعة ، وفي مقام الأخذ بكلّ من الخبرين والإفتاء بمضمونه من باب التسليم وفي مقام العمل ؛ أمّا بالنسبة إلى المقام الأول فلا معارض لها ، إذ أنّ أخبار (٤) التخيير لا تدلّ على أنّ كلّا
__________________
(١) لا توجد كلمة «أنّه» في نسخة (ب).
(٢) في نسخة (د) : ترك العمل بهما بما هو مفاد ..
(٣) لم ترد كلمة «فقط» في نسخة (د).
(٤) في نسخة (د) هكذا : إذ أخبار ...