العقلاء وأنّ الشارع جعلها حجّة من باب الطريقيّة الصرفة فكذلك أيضا ؛ وذلك لأنّ بناء العقلاء في العمل بالطريق إذا كان على الوجه الذي ذكرنا ، والمفروض أنّ الشارع جعلها طريقا صرفا ، فما لم يردعهم الشارع عن الطريقيّة (١) المذكورة فهي معتبرة.
فإن قلت : كون بنائهم على ذلك في طرقهم المتداولة بينهم في أمورهم مسلّم لكنّ بنائهم في الشرعيّات خصوصا في الطرق المجعولة للشارع ليس كذلك.
قلت : لا بدّ من الرجوع إلى الوجدان وهو شاهد بما ذكرنا ، وكون طريقيّة الطريق تعبّديّة لا ينافي إعمال طريقتهم (٢) مع عدم الردع في مقام الإطاعة والامتثال وفي كيفيّاتهما ، فلو كان بناؤهم على الاكتفاء بالظن مطلقا أو خصوص بعض الأفراد منه ولم يمنعهم الشارع فهو معتبر ، وإن كان جعل التكاليف من الشارع فجعل الطريق في المقام نظير جعل الوجوب في المسألة الفرعيّة.
فإن قلت : إنّ ما ذكرت يتم إذا كان طريقيّته (٣) معلوما عندهم ، مع أنّه ليس كذلك لاحتمال كونه غير الكشف الغالبي عن الواقع بل أمر آخر لا نعرفه ، أو كان هو الكشف الغالبي لكن على وجه خاص لا نعرفه مع إنّه إذا كان المدار والمعيار هو الكشف النوعي فهو موجود في كلا الخبرين فيما (٤) يتمانعان ، ولا دخل للمزيّة الموجبة للأقربيّة إلى الواقع بما هو المناط ، وقد اعترفت سابقا أنّ المرجّح إنّما يعتبر إذا كان في المناط.
قلت : أمّا احتمال كون ملاك الطريقيّة غير جهة الكشف عن الواقع فمقطوع العدم ، بل يمكن أن يقال : لا معنى للطريق إلا أن يكون معتبرا من حيث كشفه ، وإلا كان موضوعا من الموضوعات لا طريقا.
وأمّا احتمال خصوصيّة بعض الأمور في الكشف بمعنى أنّ الملاك كشف خاص لا يتقوى بالمزيّة الموجودة فهو ممّا لا يعتنى به في المقام ، ألا ترى أنّه إذا قال ارجع
__________________
(١) في نسخة (ب) : الطريقة.
(٢) جاء بعد هذا في نسخة (ب) و (د) : .. فيها على وفق طرقهم المتداولة بينهم وذلك نظير ما نقول من اعتبار طريقتهم ...
(٣) في نسخة (د) : إذا كان مناط الطريقيّة.
(٤) في نسخة (د) : فهما.