مدفوعة : بأنّها وإن كانت كذلك بحسب ظاهرها إلا أنّه يمكن كونها تعبديّة.
والحاصل أنّه بناء على الموضوعيّة يمكن الترجيح بالمزيّة تعبدا فيمكن الشك فيه ، وهذا واضح جدا.
ثمّ إنّ ما ذكره ـ من أنّه مع الشك في الأهميّة يقدم ما يشك كونه أهمّ ـ قد عرفت ما فيه من أنّه يرجع إلى الشك في المانع عن وجوب الآخر والأصل عدمه ، مع أنّ أصالة البراءة تجري فيه ، مضافا إلى ما ذكرنا من أنّ الإطلاق ينفيه وإن كان ظاهر كلامه عدم شمول الإطلاق حسبما ذكره سابقا أيضا ، حيث إنّه قال : إنّ الأدلّة مقيّدة بصورة الإمكان ، والعقل يستفيد من ذلك الحكم المعلّق بالإمكان على عدم جواز طرح كليهما .. إلى آخره ، وقد عرفت ما فيه وأنّه لو لم يكن الإطلاق شاملا لم يمكن استفادة الوجوب العيني لكلّ منهما الذي هو ملاك التخيير العقلي.
ومن ذلك يظهر أنّ من حكم بأنّ الدليل لا يشمل صورة التعارض في المقام ، ولا صورة التزاحم في الواجبين ، وأنّ الحكم بوجوب أحدهما من باب العلم بوجود المصلحة التامّة في كليهما .. لا يمكنه الحكم بالتخيير في المقام ، وذلك لأنّ العلم بوجود المصلحة حتى في صورة المعارضة ممنوع ، وعلى فرضه فيحتمل كونها في خصوص ذي المزيّة ، فلا بدّ من الاقتصار عليه دون الحكم بالتخيير ، فما اختاره بعض الأفاضل (١) من التخيير في المقام عند الشك في اعتبار المزيّة شرعا مع كونه قائلا بما ذكر من عدم شمول الدليل كما ترى! خصوصا مع أنّه فسر الموضوعيّة بما لا يرجع إلى التصويب الباطل من أنّ الحكم تابع (٢) للأمارة وأنّه لا واقع غير مؤدّيات الأمارة (٣) قال : إنّ المراد من الموضوعيّة أن يكون العمل بالطريق لما فيه من المصلحة المتداركة لمفسدة ترك الواقع على فرض المخالفة ، والمؤكدة لمصلحتها على فرض الموافقة ، مع أنّ الخبر معتبر من باب الكشف عن الواقع لا أنّه لا واقع إلا مؤدى الطريق ؛ فإنّ العقل والنقل متطابقان على بطلانه ، وجه الخصوصيّة أنّه على
__________________
(١) يمكن استظهاره في الجملة من السيد الشيرازي في تقريراته : ٤ / ١٦٠ ، وكذا قريب منه بدائع الأفكار للميرزا الرشتي : ٤٣٢.
(٢) جاء بعدها في نسخة (ب) : لما فيه.
(٣) في نسخة (د) : الأمارات.