موافقا للاحتياط والمرجوح مخالفا (١) له لا دليل على وجوب الأخذ به ، والعقل لا يحكم بذلك ؛ لأنّ ملاك حكم العقل بالوجوب إنّما هو وجوب العمل بالمؤدّى والمضمون من حيث إنّه تكليف ووجوب العمل بالخبر إرشادي فيكون كدوران الأمر بين التخيير والتعيين في المسألة الفرعيّة ، والمفروض أنّا نقول بعدم وجوب الاحتياط في هذه الصورة.
وبالجملة ملاك المسألة هو الحكم الفرعي المترتب على العمل بالخبر ، وإذا كان حال الدوران فيه ما ذكر من عدم وجوب الاحتياط فكذا بالنسبة إلى الخبرين ؛ إذ ليس لهما حكم في حدّ نفسهما سوى الإرشاد إلى الواقع ، فلا فرق بين الاحتمالين (٢) في ذلك.
والحاصل : أنّ القدر المعلوم هو وجوب العمل بالخبر الأرجح أعم من التعيني والتخييري ، ولا دليل على التعيين فالعقاب عليه عقاب بلا بيان ، كما يقال بالنسبة إلى الاحتمالين ، نعم لو كانت أصالة عدم حجيّة المرجوح جارية [كان اللازم الأخذ بالأرجح والمفروض عدم جريانها للمعارضة ، فلا فرق في الدوران بين التعيين والتخيير](٣) بين التكاليف ، والأدلّة لعدم استقلالها في وجوب الأخذ مع أنّه على فرضه يكون الأمر كذلك ؛ لأنّه حينئذ نفس الدوران بين التكليفين في المسألة الفرعيّة ؛ لأنّه على هذا التقدير موضوع الخبر واجب العمل كوجوب الصلاة مثلا ، وهذا وإن كان عدولا عمّا ذكرنا في المقدمات من الفرق بين المقامين إلا أنّه لا بأس به فينبغي تخصيص ما ذكرنا هناك بما إذا كان الشك في أصل الحجيّة لا من جهة (٤) المعارضة وإن كان يسري إلى حال المعارضة أيضا.
بيان ذلك : إنّه قد يكون الأمر دائرا بين التعيين والتخيير في الخبرين الواردين في موضوع من الموضوعات كالخبرين المتعارضين بعد البناء على أنّ الأخبار والإجماع دلّا على أنّ الحكم في هذه الصورة إمّا التعيين أو التخيير ، بمعنى أنّ المجعول
__________________
(١) في نسخة (د) : موافقا.
(٢) جاء بعدها في النسخة (ب) و (د) : وبين الخبرين ، إلا أنّه قد شطب عليها في نسخة الأصل.
(٣) لا يوجد ما بين المعقوفين في النسخة (ب) إلا أنّه موجود في نسخة (د) ونسخة الأصل.
(٤) جاء في النسخة (ب) هكذا : لأنّه من جهة.