المتعارضة فلا ، بل يحكم بمقتضى الأصل من الوجوه ، ولعل هذا مذهب المقتصر (١) في الترجيحات على المذكورة في الأخبار ، بل هو لازم مذهب الأخباريّة حيث إنّ الدليل الدالّ على وجوب الترجيح خاصّ بها ـ سواء تعدينا عن المرجحات المنصوصة أو لا ـ على الوجهين في فهم الأخبار ، وهو الظاهر من النراقي في المناهج (٢).
هذا ويحكى عن السيد الصدر شارح الوافية القول بعدم وجوب العمل بالمرجحات المنصوصة ، وأنّه مسلّم في خصوص الأخبار (٣) ، وإلا فالحكم هو التوقف في الإفتاء والتخيير في العمل.
ثمّ إنّ القائلين بالعمل بالأرجح منهم من يجعل المدار على الظن بالواقع ومنهم من يجعل المدار على وجود مزيّة لأحد الخبرين وإن لم يفد الظن بالواقع ، ويحتمل القول بوجوب العمل بالمرجّحات المنصوصة تعبدا أو بغيرها إذا أفاد الظن بالواقع أو الصدور.
ثمّ إنّ هذا كلّه بناء على عدم القول بالظن المطلق لدليل الانسداد ، وإلا فالمدار على ما أفاد الظن من الخبرين ، بل لا تعارض في الحقيقة إلا أن يحكم بحجيّة الخبر من باب الظن المطلق ، لا بحجيّة الظن المطلق (٤) بمعنى أنّ الحجّة ما أفاد الظن نوعا ، وكيف كان ؛ فالمقصود في المقام بيان وجوب العمل بالمرجّح وعدمه في الجملة وأمّا أنّ المدار على ما ذا؟ فسيأتي بعد ذلك.
فنقول : الحق هو وجوب العمل بأرجح الدليلين سواء كانا خبرين أو غيرهما أو مختلفين إذا كان ذلك الرجحان ممّا (٥) يوجب قوّة أحدهما في الطريقيّة ولا يجب الأخذ به إذا لم يكن كذلك حسبما أشرنا إليه سابقا.
لنا على ذلك بناء العقلاء وعمل العلماء بل الصحابة والتابعين على ما نقل عنهم
__________________
(١) في نسخة (ب) و (د) : المقتصرين.
(٢) مناهج الأصول : ٣١٧ مخطوط.
(٣) في نسخة (د) هكذا : بالمرجحات وأنّه مستحب في خصوص الأخبار.
(٤) قوله «لا بحجيّة الظن المطلق» لا توجد في نسخة (ب).
(٥) لا توجد كلمة «مما» في نسخة (ب).