فعن غاية المبادي (١) : أجمع الصحابة على العمل بالأرجح عند التعارض ، وعن غاية المأمول (٢) : يجب العمل بالترجيح ؛ لأنّ المعهود من العلماء كالصحابة ومن خلفهم من التابعين أنّه متى تعارضت الأمارات اعتمدوا على الراجح ورفضوا المرجوح ، وعن الإحكام (٣) وجوب العمل بالدليل الراجح لما علم من إجماع الصحابة والسلف في الوقائع المختلفة على وجوب تقديم الراجح من الظنّين.
وعن المبادي (٤) دعوى الإجماع على وجوب العمل بأرجح الخبرين إلى غير ذلك ، وفي المناهج (٥) دعوى الإجماع على وجوب الأخذ بالأرجح ، ويمكن استفادة الإجماع القولي أيضا بملاحظة فتاويهم بعد ضمّ الدعاوى المذكورة ، وملاحظة بنائهم في مقام العمل ، وكيف كان فهذا الإجماع سواء كان قوليّا أو عمليّا حجّة ؛ لأنّه مفيد للقطع بالمطلب ، لا لأنّه (٦) وصل إليهم من الإمام عليهالسلام في ذلك شيء ، أو لأنّ الإمام عليهالسلام قرّرهم على هذه الطريقة أو لكشفه عن كونه طريقة العقلاء ، ولم يكن (٧) ردع من الإمام عليهالسلام (٨) عن العمل عليها.
ومن ذلك يظهر أنّه لا يضر كونه في المسألة الأصوليّة ؛ لأنّه ليس المقصود إثبات وصول الحكم من الإمام عليهالسلام كالمسائل الفرعيّة فهو نظير الإجماع على حجيّة الخبر الواحد ، مع أنّ الإجماع إذا تحقق في المسألة الأصوليّة أيضا فهو حجّة ؛ لأنّ الإشكال في حجيّته إنّما هو من جهة عدم كونه كاشفا عن رضا الإمام عليهالسلام وفي مثل مقامنا لمّا كان متعلّقا بالعمل فهو نظير الإجماع في المسائل الفرعيّة يحصل منه الكشف عن رضا الإمام عليهالسلام ، وليس كالإجماع في المسائل العقليّة.
ثمّ إنّ كلمات المدّعين للإجماع وإن كانت مطلقة في وجوب العمل بالأرجح إلا
__________________
(١) غاية المبادي (مخطوط) : ٢٧٩.
(٢) غاية المأمول : ٢١٨ ، وحكاه عنه في بحر الفوائد : ٤ / ٤٣.
(٣) حكاه عنه في مفاتيح الأصول : ٦٨٦.
(٤) مبادئ الوصول : ٢٣٢.
(٥) مناهج الأصول : ٣١٧.
(٦) في نسخة (ب) : إمّا لأنّه ...
(٧) في نسخة (ب) و (د) : يصل.
(٨) قوله «من الإمام» لا توجد في نسخة (ب).