مدفوعة بأنّ مقتضى العهد الذكري تخصيصه بخصوص (١) المتعارضين ؛ إلا أنّا عمّمناه إلى الخبر الغير المعارض ؛ صونا للاستدلال عن اللغويّة ، وهذا المقدار يكفي للخروج عنها ، فلا حاجة إلى حكم بإرادة مطلق المشهور ، وإن لم يكن معه خبر.
فإن قلت : مقتضى القاعدة عدم كون المورد مخصّصا ؛ فلا بدّ من الأخذ بعموم قوله «فإنّ المجمع عليه» والحكم بأنّ الشهرة حجّة بعد إرادتها من لفظ المجمع عليه.
قلت : هذه القاعدة مشروطة بشرطين :
أحدهما : كون الجواب ممّا يصح الابتداء به ؛ بأن لا يكون مرتبطا بالسؤال ، كما في قوله : ماء البئر واسع ، بعد السؤال عن بئر الصاعة ، فإنّ هذا الجواب ممّا يمكن أن يكون كلاما مستقلا.
والثاني : أن يكون عموم الجواب وضعيّا لا حكميّا يضره احتمال العهد ، وفي المقام نقول : إنّ كلا الشرطين مفقود ، إذ بملاحظة الفاء الرابطة لا يمكن أن يكون قوله عليهالسلام «فإنّ المجمع عليه» كلاما مستقلا ، وأيضا عموم المفرد المحلّى باللام ليس وضعيّا ، بل من باب الحكمة (٢) ، فيضرّه احتمال العهد وهو الخبر المشهور.
ومن ذلك يظهر أنّه لا يمكن الأخذ بعموم قوله عليهالسلام «خذ بما اشتهر ..» فإنّ عموم الموصول أيضا ليس وضعيّا ، فيضره احتمال العهد.
أقول : هذا الكلام مختل النظام :
أمّا أولا : فلأنّ مورد المقبولة الخبران المعتبران في حدّ نفسهما ، بحيث لا مانع لهما إلا المعارضة ، فالخبر الغير المعتبر غير داخل فيها سواء كان له معارض أو لا ، فقوله عليهالسلام «خذ بما اشتهر ..» وارد على ما ذكر من الخبر المعتبر المعارض بمثله كما هو واضح ، ولا يمكن إرادة الخبر الغير المعارض منه ـ سواء كان معتبرا أو لا ـ لقوله «ودع الشاذ النادر ..» إذ المراد بالشاذ النادر المعارض الشاذ لا مطلقه ، وإلا لزم ترك
__________________
(١) في نسخة (د) : بحصول.
(٢) أي من باب مقدمات الحكمة ؛ وهذا مبنى في المسألة ولعل الوجه فيه تعدد دلالة اللام اللاحقة للفظ المفرد ، فتعيين إرادة العموم بمجرد الوضع غير تام ، بل لا بدّ من انضمام مقدمات الحكمة ، بل لا موجب للاستناد للوضع مع تماميّة مقدمات الحكمة ، وخلاصة مراده أنّ دلالة المفرد المحلى باللام على العموم ليست بالوضع.