العمل بالخبر الشاذ وإن لم يكن معارضا بغيره ؛ وليس كذلك قطعا.
وأمّا قوله عليهالسلام «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» فهو وإن كان قابلا لإرادة مطلق المشهور منه ، سواء كان مع الخبر أو لا معه ، وسواء كان الخبر معارضا أو لا ، وسواء كان معتبرا أو لا ، إلا أنّه يتعيّن في المقام إرادة الخبر المعتبر المعارض بمثله ، كما هو مورد الرواية ؛ وذلك لأنّ غيره لا يكون ممّا لا ريب فيه سواء أريد منه نفي الريب من جميع الجهات ، أو نفي الريب بالنسبة.
أمّا الأول فواضح ، مع أنّه غير مراد جزما ، وأمّا الثاني فلأنّ الشهرة المجردة أو الخبر الغير المعتبر الموافق لها لا يصدق عليهما عدم الريب النسبي ، إذ ليس لهما طرف آخر حتى يقال إنّه لا ريب فيه بالنسبة إلى ذلك الطرف.
فإن قلت : الطرف الآخر القول الشاذ المقابل للمشهور ، والاحتمال الموجود في مقابل الخبر الغير المعتبر أو الخبر الآخر الغير المعتبر في مقابل هذا الخبر الموافق للمشهور.
قلت : نمنع عدم الريب بالنسبة إلى ما ذكر أيضا ؛ لأنّه لا يتعيّن الأخذ بالمشهور أو بالطرف المقابل ، بمعنى أنّه ليس الأمر دائرا بينهما ، بل يمكن الطرح والرجوع إلى الأصول العمليّة ، بل مقابل الأخذ بالمشهور في الحقيقة هو الأصل العملي وليس هو ممّا لا ريب فيه بالنسبة إليه ، بل الأمر بالعكس ، وهذا بخلاف الخبر المعتبر المشهور والمعارض بمثله ، فإنّه ممّا لا ريب فيه بالنسبة إليه بل (١) بعد كون الأمر دائرا بينهما كما هو المفروض ؛ لأنّه لو لا الترجيح يحكم بالتخيير ؛ مع أنّه على التقدير المذكور يلزم الأخذ بكلّ احتمال يكون ممّا لا ريب فيه بالنسبة إلى احتمال آخر ، وإن احتمل كون الحق في ثالث ، مع أنّه ليس كذلك قطعا.
والحاصل : أنّ مفاد التعليل وجوب الأخذ بكل ما لا ريب فيه بالنسبة إلى الطرف المقابل ، مع انحصار الأمر فيهما ، والخبران المعتبران المتعارضان من هذا القبيل بخلاف الخبر الضعيف ؛ فإنّ مقابله الأصل ، وليس هو ممّا لا ريب فيه بالنسبة إليه
__________________
(١) لا توجد كلمة «بل» في نسخة (د).