فالأول واضح ، والثاني كقوله «لا تعاد الصلاة إلا من خمس ..» (١) بالنسبة إلى أدلّة الأجزاء والشرائط ـ على أحد الوجهين ـ وهو أن يكون المراد أجزاء الصلاة (٢) الناقصة عن التامّة مع فرض كون الأجزاء والشرائط واقعيّة ، فإنّ مقتضى أدلّتها ـ بناء على عدم كونها علميّة ـ بطلان الصلاة ، ووجوب الإعادة (٣) من جهة الكشف عن كون الأجزاء والشرائط علميّة ، فيكون من القسم الأول إذ لازمه التصرّف في تلك الأدلّة الظاهرة في الجزئيّة والشرطيّة المطلقتين ، بحملها على خصوص صورة العلم والعمل ، وأنّها في حال النسيان ليست أجزاء وشرائط.
ثمّ إنّ الحاكم قد يكون حاكما بنفسه كأدلة الحرج ، وقد يكون حاكما بلحاظ دليله كما في الأدلة الاجتهاديّة بالنسبة إلى الأصول على بعض التقريرات فإنّ حكومتها بلحاظ أدلة اعتبارها ، وأيضا قد يكون منافيا للمحكوم بحيث يكون بينهما معارضة مع قطع النظر عن الحكومة ، وقد لا يكون منافيا كالأصول الموضوعيّة بالنسبة إلى الأصول الحكميّة الموافقة لها ، فإنّها حاكمة عليها مع أنّ مقتضاهما واحد وكالأمارات المثبتة لخمريّة ما شكّ كونه خمرا ، حاكم على دليل حرمة الخمر ، المثبتة للموضوعات ، فإنّها حاكمة على أدلّة تلك الموضوعات ، ولا معارضة ولا منافاة بينهما ، مثلا البيّنة الخمريّة بإثبات موضوعه ، مع أنّه لا منافاة بينهما (٤).
وكذا الأصول الموضوعيّة المثبتة للموضوع كاستصحاب الخمريّة أو العدالة أو الفسق أو نحو ذلك من موضوعات الأدلّة ، فالبينة منافية لأصل البراءة وحاكمة عليها ، وحاكمة على دليل حرمة الخمر ، وغير منافية له ، وكذا الاستصحاب مناف لأصل البراءة ، وحاكم عليه برفع الحكم عن موضوعه ، وحاكم على حرمة الخمر
__________________
(١) هذا الحديث هو المؤسّس للقاعدة الفقهيّة المعروفة ب «لا تعاد» ، الفقيه : ١ / ٢٢٥ حديث ٩٩١ ، الوسائل : ٢ / الباب ٣ من أبواب الوضوء ، حديث ٨.
(٢) كلمة «الصلاة» سقطت من النسخة (ب).
(٣) بعد هذا في النسخة (ب) هكذا : ومقتضى قوله لا تعاد عدم العمل بمقتضاها ، مع أنّ المفروض أنّها باقية على ظاهرها من إثبات الشرائط والأجزاء مطلقا ، وأما على الوجه الآخر وهو أن يكون الإجزاء وعدم الإعادة ...
(٤) من قوله «وكالأمارات» إلى قوله «بينهما» لا يوجد في النسخة (ب).