يحتمل تنزيلها على خصوص صورة التعارض ، لكنّه في غاية البعد كما لا يخفى!
ولبعض الأفاضل هنا مسلك آخر وحاصله : أنّ حال الخبر المخالف بالنسبة إلى الكتاب أقسام ثلاثة ؛ لأنّه إمّا أن يكون الكتاب أقوى دلالة من الخبر المخالف بالنصوصيّة ، أو الأظهريّة ، أو يكون بالعكس ، أو هما متساويان بالدلالة ، ففي الصورة الأولى لا إشكال في ترجيح الموافق ، وأمّا الصورة الثانية فإن كان الخبر نصّا والكتاب ظاهرا فعلى القول بجواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد لا يرجّح بالموافقة ؛ لأنّ الكتاب حينئذ لا يصلح للترجيح ، لأنّه لا يوجب قوّة في دلالة الخبر الموافق ؛ لأنّ المفروض أنّه نصّ ، ولا في سنده (١) لعدم السنخيّة (٢) ؛ بين ظهور العام (٣) الكتابي وسند الخبر ، حتى يكون مقوّيا له ، ولا في مضمونه ؛ لأنّ المفروض أنّ العام مبتلى بالخبر المخالف ، فلا يحصل منه الظن حتى يكون مقوّيا للمضمون فلا يتصور الترجيح في هذه الصورة.
نعم ؛ بناء على جواز الترجيح بالأمور التعبديّة كالأصل العملي ؛ يمكن الترجيح لكنّ هذا البناء فاسد.
وعلى القول بعدم جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد ، وأنّه يعمل بعموم الكتاب ـ كما عليه المرتضى ـ لا إشكال في الترجيح ، وعلى القول بالتوقف في جواز التخصيص وعدمه ـ كما عليه المحقق أيضا ـ لا ترجيح إلا بناء على جواز الترجيح بما لا يكون مقوّيا للخبر ، وحيث إنّه باطل فلا ترجيح على هذا القول أيضا ، بل المرجع أخبار التخيير.
وإن كان الخبر أظهر والكتاب ظاهرا ؛ فبناء على القول بجواز التخصيص ـ وإن كان يتصور الترجيح ؛ لأنّ المفروض عدم نصوصيّة الخبر الموافق حتى لا يكون قابلا للترجيح ـ إلا أنّه لا يحكم بالترجيح مطلقا ، بل يختلف الحال باختلاف المقامات ،
__________________
(١) هذه جملة معطوفة على قوله «في دلالة الخبر» : أي لا يوجب قوّة في الدلالة ولا في السند.
(٢) إذ أنّ الأظهريّة متعلّقها المضمون لا السند ، فلا تكون سنخيّة بين المضمون الكتابي والسند الخبري ، فلا يكون المضمون الكتابي مرجّحا لسند الخبر.
(٣) في النسخة المعتمدة : العالم ؛ والصواب ما كتبناه.