فإذا كان عموم مدلول المحكوم في عرض عموم مدلول الحاكم ، وكان أقوى منه ، فلا يفيد نظره شيئا ، إذ ليست حيثيّة النظر متقدمة على حيثيّة المدلول ، بل هي تابعة لها ، فإذا كان مدلول الحكم من حيث هو مقدّما على مدلول الحاكم من حيث هو لأقوائيّته ، فلا مانع منه ، إذ لا يبقى معه نظر بالنسبة إليه ، مثلا إذا فرضنا صراحة قوله «لا حرج ..» في النظر إلى أدلّة التكاليف ، والمفروض أنّ شموله لكل واحد منها على نحو العموم ، فلا يكون نصّا في النظر بالنسبة إلى كل واحد منها ، فيمكن أن يكون شمول بعض تلك الأدلة للفرد الحرجي أقوى من شمول قوله «لا حرج ..» لدليل ذلك الفرد ، وحينئذ يكون نظره بالنسبة إليه ضعيفا ، لضعف شموله له ، وحيثية أصل المدلول متقدمة على حيثيّة النظر ، فلا بدّ من تقديم مدلول ذلك الدليل ، وعدم العمل بعموم «لا حرج ..» بالنسبة إليه ، فلا يبقى نظر (١) بعد ذلك حتى يوجب قوّته.
والحاصل أنّ المدلولين ـ مع قطع النظر عن النظر ـ في عرض واحد ، والمدار فيها (٢) على الأقوائيّة ، والنظر تابع للمدلول ، فلا وجه لتقويته له.
فإن قلت : فعلى هذا لا يبقى للحكومة ثمرة ، إذ المفروض أنّ النظر تابع لمدلول العام والمدار على أظهريّة أحد الدليلين ، كما هو الحال في العام والخاص.
قلت : يظهر الثمر فيما كان نظر الحاكم فعليّا غير تابع للمدلول ، وكان نصا أو أظهر في النظر ، وأضعف في أصل المدلول ، أو مساويا فيه مع المحكوم ، فإنّ نظره حينئذ يفيد تقديمه ، ولولاه كان الأمر بالعكس ، أو كان موردا للتوقف ، مثلا إذا قال يجوز الصلاة بالتيمم ؛ ناظر بسياقه إلى قوله لا صلاة إلا بطهور ، وفرضنا أقوائيّة دلالة قوله عليهالسلام «لا صلاة ..» أو مساواتها لدلالة قوله «يجوز الصلاة بالتيمم» في مقدمة (٣) قوله «يجوز الصلاة» ، من جهة نصوصيّته في النظر ، أو أظهريّة نظره من دلالة قوله ، فإنّ المفروض أنّه ناظر فعلا إليه ، ومع الإغماض عن الحكومة والنظر ، لم يكن الأمر كذلك ، بل يمكن فرض الثمر في النظر التبعي أيضا ، كما فيما إذا كان الحاكم عامّا إذا
__________________
(١) في نسخة (ب) : نظره.
(٢) في نسخة (ب) : فيهما.
(٣) في نسخة (ب) : فحينئذ تقدم.