البراهين وبالقرآن (مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) أي من الكفر إلى الإيمان والهداية (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) وذلك بأنه رحمكم ومنّ عليكم بأن أرسل إليكم رسولا ونصب أدلّة ولم يترك مجالا لبقائكم على الضلال. ثم عاد يحثّ على الإنفاق في سبيله لأهمية هذا الإنفاق الذي يقرّب منه عزوجل فقال منكرا : (وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي ما تنتظرون من وراء ترككم للإنفاق ، وأي شيء يتوفّر لكم بالبخل؟ (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فكل ما فيهما يبقى له سبحانه بعد فناء من فيهما من الجنّ والإنس والملائكة ، فاستوفوا حظوظكم من الأموال التي استخلفكم عليها قبل أن تصير ميراثا لغيركم. ثم بيّن تعالى فضل السابقين للإنفاق في سبيله فقال : (لا يَسْتَوِي) أي لا يتساوى (مَنْ أَنْفَقَ) من ماله في سبيل الله (مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ ، وَقاتَلَ) الكفار ، فإن (أُولئِكَ) الفاعلين لذلك (أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا) أي بعد فتح مكّة أعزها الله. فالنفقة على جيش الإسلام مع الجهاد قبل فتحها ، أعظم ثوابا عند الله من النفقة والجهاد بعده (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) أي وعد هؤلاء وهؤلاء بالجنّة وإن تفاضلوا في درجاتها (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي أنه عليم بكل ما تفعلونه ولا يخفى عليه شيء من حالكم ومقالكم وإنفاقكم وجهادكم ، بل هو أعلم بجميع تصرّفاتكم ونيّاتكم.
* * *
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١) يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ