بالعدل (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) كذلك لفائدتكم. وفي المجمع روى ابن عمران النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض ، أنزل الحديد ، والنار ، والماء ، والملح أما معنى (أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) فهو : أحدثنا وجوده في الأرض وأنشأناه ، أي أنعمنا به عليكم و (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) أي قوّة لأنه يستعمل في الحرب وفي كثير من الصناعات (وَ) له (مَنافِعُ لِلنَّاسِ) فوائد ينتفعون بها في معاشهم كالسكين والفأس والإبرة (وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) هذا عطف على قوله (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) أي ليعرف الله نصرة من ينصره وجهاد من يجاهد مع رسوله الكريم (ص) و (بِالْغَيْبِ) يعني في الواقع من غير مشاهدة بالعين (إِنَّ اللهَ قَوِيٌ) يغلب أعداءه ويقهرهم (عَزِيزٌ) منيع من أن يعترض عليه معترض من سائر خلقه. ثم أتى سبحانه على ذكر بعض الأنبياء وهو يتحدث عن رسله فقال : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ) فخصّهما بالذكر لأنهما أبوا الأنبياء المتأخرين عنهما ولفضلهما أيضا (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ) فالأنبياء المتأخرون عنهم كلّهم من نسلهما. ثم تكلّم عن نسلهما إجمالا فقال : (فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ) إلى الحق وطريق الهدى (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) خارجون عن طاعة الله متّبعون لمعصيته (ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا) أي أتبعناهم برسل آخرين إلى أمم أخرى واحدا بعد واحد (وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) من بعدهم أيضا (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) في دينه ، وهم الحواريّون ومن اتّبع عيسى عليهالسلام رأفة هي أشد الرحمة والرقّة فيها (وَرَحْمَةً) عطفا وشفقة (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) وهي طريقة العبادة في الكنيسة أو في محلّ منفرد عن الناس والتنسّك الدائم والانقطاع عن الدنيا ، وهذا شيء لم نكلّفهم ولكنهم ابتدعوا ما فيها من رفض النساء واتّخاذ الصوامع رغم أننا لم نكتبها عليهم فلم يتّبعوها (إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) أي رغبة في رضاه ، ولكن (فَما رَعَوْها حَقَ