التي تبوأها الأنصار قبل المهاجرين (وَالْإِيمانَ) إذ لم يؤمنوا قبل المهاجرين ، بل آمنوا بعد هجرة النبي صلىاللهعليهوآله إليهم إلّا قليلا منهم. أما عطف الإيمان على الدار في التبوّء فهو عطف ظاهريّ لا معنويّ لأن الإيمان لا يتبوّأ ، وتقديره : وآثروا الإيمان على الكفر (مِنْ قَبْلِهِمْ) يعني قبل قدوم المهاجرين إليهم حين أحسنوا إليهم بأن أسكنوهم بيوتهم وشاركوهم في أموالهم (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا) أي لم يكن في قلوبهم حزازة ولا غيظ ولا حسد بسبب ما أخذ المهاجرون من الفيء الذي استولوا عليه من مال بني النّضير ، بل طابت به نفوسهم وكانوا (يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ) أي يقدّمون المهاجرين ويفضّلونهم على أنفسهم في العطاء (وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) أي ولو كانت بهم حاجة وفقر ، وذلك رأفة بإخوانهم وطلبا للأجر والثواب (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) أي الفائزون بثواب الله تعالى الرابحون لجنّته ونعيمها. وقيل : من لم يأخذ شيئا نهاه الله عنه ، ولم يمنع شيئا أمره الله بأدائه فقد وقي شحّ نفسه. وقيل. شحّ النفس هو أخذ الحرام ومنع الزكاة. ثم عقّب سبحانه بوصف التابعين ومدحهم بعد المهاجرين والأنصار فقال : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) يعني من بعد هؤلاء وهؤلاء وهم سائر التابعين لهم إلى يوم القيامة (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) أي أنهم يدعون لأنفسهم ولمن سبقهم من المؤمنين بالمغفرة والتجاوز عن الذنوب (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) أي لا تجعل فيها حقدا ولا كرها ولا غشّا ، واجعل قلوبنا معصومة عند ذلك لا تحب لهم إلّا الخير (رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) أي متجاوز عن خطاياهم متعطّف عليهم بالرزق والمغفرة.
* * *
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ