يُنْصَرُونَ) أي ثم لا ينتفع جماعتهم بهذا الوعد ولا بنصرتهم. وهذا الوعد كان من بني قريظة لبني النّضير ، ولكنهم لم يخرجوا معهم ، وحين قوتل بنو قريظة لم ينصروهم. ثم توجّه سبحانه بالخطاب للمؤمنين فقال (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً) أي خوفا ورعبا (فِي صُدُورِهِمْ) أي في قلوبهم ونفوسهم (مِنَ اللهِ) أي أن خوفهم منكم أشدّ من خوفهم من الله لأنهم يرونكم ويعرفون قوّتكم ، ولا يعرفون الله ولا يدركون قوّة بطشه بأعدائه (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) أي بسبب أنهم لا يعلمون الحق ولا يعرفوه عظمة الله عزّ وعلا. وهم (لا يُقاتِلُونَكُمْ) أيها المؤمنون (جَمِيعاً) أي مجتمعين بارزين لجريكم وجها لوجه (إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ) أي من حصون منيعة وأبراج يدفعون بها عن أنفسهم لجبنهم وضعفهم أمامكم (أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ) أي من وراء أسوار وحيطان يرمونكم وهم محتمون بها لشدة خوفهم منكم (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) أي أن عداوتهم فيما بينهم شديدة فإنهم يكره بعضهم بعضا وقلوبهم غير متّفقة (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً) تظنّهم متّحدين في ظاهرهم (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) متفرّقة مختلفة الكلمة (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) لا يميّزون الرّشد من الغي.
* * *
(كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٥) كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (١٦) فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (١٧))