أصحاب رسول الله (ص) فهو لهم ولا يردّونه عليه. وقد جاءت سبيعة بنت الحرث الأسلمية مسلمة بعد الصلح بلا فصل والنبيّ (ص) لا يزال في الحديبية ، فأقبل زوجها المدعو مسافر من بني مخزوم في طلبها وقال : يا محمد اردد عليّ امرأتي فإنك شرطت ذلك لنا فنزلت الآية الكريمة بعد قطع الموالاة بين المؤمنين والكافرين. فحكم النساء أنهنّ إذا جئناكم (الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَ) أي تحقّقوا من إيمانهنّ واستنطقوهنّ لتعلموا ما هنّ عليه من العقيدة (اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَ) في القلب إذ لا تعلمون إلّا ظاهرهنّ. وامتحانهن قيل إنه بالإقرار بالشهادتين ، وقيل بأن يحلفن أنهن خرجن للدّين والطاعة لا لغرض آخر ، كما قيل أنه أخذ العهد عليهنّ بما في الآية التالية (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ) في ظاهر حالهنّ (فَلا تَرْجِعُوهُنَ) لا تعيدوهنّ (إِلَى الْكُفَّارِ) إذ (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ ، وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) فقد وقعت الفرقة بينهم وإن أبى أزواجهنّ الطلاق ، وحرمن عليهم (وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا) أي ردّوا لأزواجهنّ الباقين على الكفر ما بذلوه لهنّ من المهر (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) أي تتزوجوا بهنّ (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) إذا دفعتم لهنّ مهورهنّ التي تستحلّ بها فروجهن بعد أن صرن بائنات من أزواجهنّ بالإسلام (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) جمع كافرة ، أي لا تتمسكوا بنكاح الكافرات الذي سمّاه سبحانه عصمة (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) أي إذا لحقت زوجتكم الكافرة بأهلها فاطلبوا منهم ما أنفقتم عليها من مهر إذا ارتدّت ومنعوها عن العودة (وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) فأنتم وهم سواء في المعاملة العادلة (ذلِكُمْ) أي هذا الحكم المذكور في هذه الآية هو (حُكْمُ اللهِ) قضاؤه العادل ، وهو الذي (يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) يقضي بالحق (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) عارف بالأمور جميعها ولا يفعل إلّا ما فيه الحكمة (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ) أي إذا لحق بهم مرتدّات من أزواجكم اللواتي عصمتكم (فَعاقَبْتُمْ) أي قاصصتم بالغزو أو غيره وغنمتم منهم شيئا (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ