الشِّمالِ) أي عن يمينك وشمالك (عِزِينَ) أي متفرقين وموزّعين جماعة وفرقة فرقة. والواحدة من غرين : عزة (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ) من هؤلاء المنافقين المحيطين بك (أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) كما يدخل الموصوفون بالإيمان والتصديق والعمل الصالح؟ ذلك أنهم كانوا يقولون : إذا كان ما يقوله محمد حقا فإنّ لنا عند الله خيرا ممّا لهؤلاء الذين اتّبعوه. وقد ردّ سبحانه وتعالى قولهم بقوله الكريم التالي :
٣٩ ـ (كَلَّا ، إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ :) أي : لا ، لا يكون الأمر كما زعموا ، ولا يدخلون الجنّة ، فإننا خلقناهم من النّطفة القذرة التي هي من ماء مهين ، وهم في غاية الهوان عندنا ، إذ لا يستحق الجنّة أي مخلوق بهذا الأصل الدنيء ، بل بالعمل الصالح وبتصديق الرّسل وبما يرضي الخالق تبارك وتعالى.
٤٠ إلى آخر السورة ـ (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ ...) قد مرّ تفسير مثل هذا القسم في سورة الحاقة ، والمشارق هي مشارق الشمس ، والمغارب مغاربها فإن لها ثلاثمئة وستّين مطلعا بحسب أيام السنة ولا تعود لمطلع أي يوم إلّا في مثله من العام القابل ، فقد أقسم تعالى بهذا التدبير الحكيم وهذا التقدير الدقيق (إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ) أي اننا قادرون على إهلاكهم وخلق من هم خير فيهم (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) ولن يسبقنا على عذاب الكفار والمكذّبين أحد ، ولا يفوتنا إدراكهم ، ولن يغلبنا عنادهم وسيقعون في قبضة عبادنا من ملائكة العذاب لينالوا جزاءهم الأليم (فَذَرْهُمْ) دعهم يا محمد في باطلهم (يَخُوضُوا) في غيّهم وضلالهم (وَيَلْعَبُوا) يلهوا بما هم فيه من اللعب (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) أي يوم القيامة الذي وعدناهم به فلم يصدّقوا به ، وذلك (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) أي من القبور ، يخرجون (سِراعاً) مسرعين لأن الملائكة تسوقهم بسياطها ، وتراهم (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) أي مثل من يسرعون إلى علم نصب لهم يريدون أن يبلغوه