ما يُوعَدُونَ) أي عاينوا ما وعدناهم به من عقاب الدنيا وعذاب الاستئصال (فَسَيَعْلَمُونَ) يومئذ (مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) من كلّ من المؤمنين والمشركين. وقيل إن الكافرين كانوا يفتخرون على النبيّ (ص) بكثرتهم ويعيّرونه بقلّة أتباعه فبيّن سبحانه أن ذلك سيكون بالعكس يوما ما.
(قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (٢٨))
٢٥ ـ إلى آخر السورة ـ (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ...) إن محقّقة إنّ بمعنى ليس ، أي لست أعرف (أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ) من العذاب (أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) أي وقتا ومهلة وحدّا ينتهي إليه. وقال عطاء : أراد أنه لا يعرف يوم القيامة إلّا الله وحده ، فهو (عالِمُ الْغَيْبِ) يعرف متى يكون يوم القيامة الغائب علمه عن الناس (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً) أي لا يطلع عليه واحدا من عباده. ولكنه جلّ وعزّ استثنى بعض عباده المختارين فقال : (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) أي الأنبياء صلوات الله عليهم فإن نبوّتهم تثبت بأن يخبروا الناس ببعض المغيّبات عند المعجزة وإظهار الآية الدالة على صدقهم. فمن ارتضاه واختاره لرسالته يطلعه على ما شاء وما رأى له مصلحة فيه وذلك قوله سبحانه (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) أي يجعل له طريقا إلى معرفة ما كان قبله وما يكون بعده ، والرّصد هو الطريق. وقيل إنه تعالى يحفظ ما يطلع على رسوله فيجعل من بين يدي رسوله ومن خلفه رصدا من الملائكة يحرسونه من الأعداء وكيدهم