وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ). وفي الآية الكريمة دلالة على أن الله تعالى هدى جميع خلقه فمنهم من اختار الهدى ومنهم من ظلّ على العمى ولذلك قال : (إِنَّا أَعْتَدْنا) أي هيّأنا وأعددنا (لِلْكافِرِينَ) بنا وبرسلنا وأوامرنا ونواهينا هيّأنا لهم جزاء عصيانهم (سَلاسِلَ) من نار في جهنم تنتظرهم (وَأَغْلالاً) جمع غل ، وهو القيد (وَسَعِيراً) ونارا مشتعلة معدّة لعذابهم.
* * *
(إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (٥) عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩) (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠))
٥ ـ ٦ ـ (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ ...) الأبرار جمع برّ ، وهو المحسن المطيع لله تعالى الذي يقوم بالحقوق الواجبة ويؤدّي النافلة. وقد أجمع المسلمون بكافة طوائفهم وفرقهم ، المخالفون منهم والمؤالفون أن المراد بالأبرار هنا علي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، وأن هذه الآية وما بعدها نزل فيهم دون غيرهم ، فهؤلاء الأبرار يشربون في الآخرة من كأس : أي من إناء فيه شراب (كانَ مِزاجُها) أي يخالط الكأس (كافُوراً) وهو اسم عين في الجنة ، ذات رائحة طيّبة ، أي يمازجها ريح الكافور الذي هو غير كافور الدنيا (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) أي أن العين الممتزجة بريح الكافور يشرب منها أولياء الله وخصّهم بكونهم عباده تشريفا لهم (يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) أي يجرّون ماء هذه العين حيث شاؤوا من قصورهم ومنازلهم. والتفجير هو شق الأرض بجري الماء. وقد قيل