١١ ـ آخر السورة ـ (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها ...) أي كذبت ثمود ، وهم قوم صالح عليهالسلام ـ بطغيانها وكثرة معاصيها وتجاوزها حدّ المعقول من الظّلم لنبيّهم (ع) والطّغوى ، اسم من الطغيان قيل إنه اسم العذاب الذي نزل بهم بعد عقر الناقة فإنهم كذّبوا به فأتاهم ما كذّبوا به (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) أي حين خرج أشقى القوم لعقر الناقة كذّبوا بنزول العذاب طغيانا منهم. والانبعاث معناه انتداب ذلك الشقي وقيامه بالمهمة ، وهو قيدار بن سالف الذي قال عنه رسول الله صلىاللهعليهوآله : هو أشقى الأوّلين. وقد قال لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام : من أشقى الأوّلين؟ قال : عاقر الناقة. قال : صدقت ، فمن أشقى الآخرين؟ قال : لا أعلم يا رسول الله. قال : الذي يضربك على هذه ، وأشار إلى يافوخه. وقيل إن عاقر الناقة كان أشقر أزرق قصيرا (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ) أي قال صالح عليهالسلام لقومه : (ناقَةَ اللهِ) أي أحذّركم ناقة الله ، فاللفظ منصوب على تقدير : احذروا ناقة الله فلا تعقروها (وَسُقْياها) أي ودعوها وشربها فلا تتعرّضوا لها بسوء ولا تزاحموها ، وذلك كقوله تعالى : (لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ)(فَكَذَّبُوهُ) أي فكذّبه قومه ورفضوا قوله ولم يخافوا تحذيره بالعذاب (فَعَقَرُوها) أي قتلوها (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) فدمّر عليهم وأطبق العذاب عليهم وأهلكهم (بِذَنْبِهِمْ) بمعصيتهم التي نسبت إليهم جميعا لأنهم رضوا بها بل اقترحوها وبعثوا قيدار لعقر الناقة (فَسَوَّاها) أي فاستوت الدمدمة ـ يعني الهلاك والتدمير عليهم وعمتهم فشملت صغيرهم وكبيرهم ، فنزل العذاب عليهم وكانوا فيه سواء (وَلا يَخافُ عُقْباها) أي لا يخاف سبحانه أيّ تبعة تنشأ عن إهلاكهم لاستحقاقهم لذلك ، لأنه لا يفعل إلّا الحكمة ولا ينازعه في فعله أحد ، وهذه كقوله : (لا يسأل عما يفعل). وقيل معناه : ولا يخاف عاقر الناقة عقبى عقرها ولا يخشى عاقبة صنعه لأنه كان من أشد المكذّبين بقول صالح عليهالسلام.
* * *