عليه خافية منه ولا من غيره؟ (كَلَّا) يعني : لا يعلم ذلك ولا يصدّقه لأنه كافر بوجود ربّه. ثم هدّده سبحانه قائلا : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) إذا لم يمتنع أبو جهل قبّحه الله عن تكذيبك والوقوف بوجه رسالتك وإيذائك المستمرّ (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) أي لنسحبنّه بناصيته ولنجرّنه بها إلى النار. والناصية هي الرأس أو مقدّمتها ، وهذا يعني لنأخذنّ برأسه ولنرمينّه في جهنم. وهذا كقوله تعالى : (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) ، وصفا لأخذ الكفّار يوم القيامة لإذلالهم وإهانتهم فإن الأخذ بالناصية فيه منتهى الذل والإهانة والاستخفاف ، فلتأخذنّ هذا العدوّ بناصيته خصوصا وهو ذو (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) وصفها سبحانه بالكذب والخطأ لأن صاحبها كاذب في ما يقوله في محمد ، وخاطئ في فعله معه (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) أي ليصرخ بأهل ناديه ، أي بعشيرته وأهل مجلسه لينصروه منّا ويخلّصوه من غضبنا ، فقد قيل إن النبيّ صلىاللهعليهوآله انتهره لمّا تقدّم منه ، فقال أبو جهل : أتنتهرني يا محمد؟ فو الله لقد علمت ما بها ـ أي بمكة ـ أحد أكثر ناديا ـ أي مجلسا ـ منّي ، فأنزل الله سبحانه : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) ، فليأت بجلسائه ليخلّصوه ممّا يقع فيه. أمّا نحن ف (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) يعني سننتدب لعذابه ملائكة العذاب الموكّلين بالنار فهم غلاظ شداد لا يعصون ما نأمرهم به (كَلَّا) أي ليس الأمر كما يشاء أبو جهل ولا بحسب ما يريد ، فانتظر به قليلا لتراه مقتولا مجندلا في بدر قبل أن ندعو الزبانية لأخذه معاينة وعلى مرأى من الناس ف (لا تُطِعْهُ) إذا نهاك عن الصلاة (وَاسْجُدْ) لربّك (وَاقْتَرِبْ) إليه بالثواب الذي أعدّه لك بطاعتك ، أو اسجد له متقرّبا إليه بالطاعة ، فعن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أقرب ما يكون العبد من الله إذا كان ساجدا. والسجود هنا فرض لأن عبد الله بن سنان روى أن أبا عبد الله عليهالسلام قال : العزائم : ألم تنزيل ، وحم السجدة ، والنّجم إذا هوى ، واقرأ باسم ربّك. وما عداها في جميع القرآن مسنون وليس بمفروض.
* * *