حين ترى الناس كأنهم الفراش المتفرّق ها هنا وها هنا ، فبعضهم يموج في بعض وهم حائرون كالفراش الذي إذا ثار تفرّق ولم يعرف إلى أية جهة يسير. وهذا يدل على فزع الناس وخوفهم في ذلك اليوم لأن مقاصدهم تختلف وتوجهاتهم متفرّقة وهم لا يعرفون ما يصنعون (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) أي تصير الجبال كأنها الصوف المندوف لأنها تتزلزل وتزول عن أماكنها وتصير كأنها ليست بذات ثقل ينسفها ربّي نسفا (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) في ذلك اليوم ، أي رجحت حسناته على سيئاته (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) أي أنه يصير إلى معيشة يرضاها لأنها ذات رضى (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) بأن قلّت حسناته وكثرت سيئاته فرجحت بالحسنات (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) أي فمأواه النار يسكن فيها ، وقد سمّاها «أمه» لأنه يأوي إليها كما يأوي الإنسان إلى حضن أمّه. أما قتادة فقال : هي كلمة عربية كان الرجل إذا وقع في أمر شديد قيل : هوت أمّه. فقوله سبحانه : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) ، لأن العاصي يهوي إلى أمّ رأسه في النار (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ) هذا تهويل لأمر جهنّم يراد به أنك لا تعلم تفصيل حال جهنّم وما فيها من ألوان العذاب (نارٌ حامِيَةٌ) أي نار حارّة شديدة الحرارة يقع فيها من خفّت موازينه والعياذ بالله من ذلك.
* * *