«كيف نصرّف الآيات» بأنواع من البينات (لَعَلَّهُم يَفْقَهُونَ) فقهاً عميقاً.
وقد جاءت العبارة هنا بصيغة : (لَعَلَّهُم يَفقهُونَ). (الانعام / ٦٥)
كما قد جاءت في مكان آخر بصيغة : (لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ). (الأنعام / ٩٨)
وفي آية اخرى باسلوب : (لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ). (التوبة / ٨١)
وفي اخرى : (بَلْ كَانُوا لَايَفْقَهُونَ الَّا قَليلاً). (الفتح / ١٥)
وكلها تبين الأهميّة القصوى للفهم والإدراك العقلي.
وكما قلنا سابقاً ، فإنّ كلمة «الفقه» تعني إدراك الامور الخفية بالاستعانة بمشاهدة الامور الجلية ، وهذا الإدراك هو أحد أبعاد الإدراك العقلي.
وتحدثت الآية الثانية عشرة عن «الشعور» ، فبعد أن نهت المؤمنين عن نعت الشهداء بالأموات قالت : إنّهم أحياء ولكن لا تشعرون أي لا تدركون.
وقد يراد بالشعور هنا معنى الاحساس الظاهري ، أو الاحساس الباطني ، وقد استعمل بكلا المعنيين في القرآن المجيد.
وقد ذمّ القرآن في موارد مختلفة ، أولئك الذين لا يشعرون ولا يستخدمون شعورهم (١).
* *
وقد تحدثت الآية الثالثة عشرة عن «البصيرة» بعد ما أشارت إلى المتقين ، حيث قالت : إنَّ المتقين إذا ما ابتلوا بوساوس الشيطان تذكروا الله وأبصروا وادركوا الحقيقة فنجوا من شباك الشياطين.
إنّ «البصيرة» و «الأبصار» هو الرؤية وقد تتم الرؤية بواسطة العين الظاهرة فيكون بصراً حسياً ، وقد تتم بواسطة العين الباطنية أي العقل فذلك «الإدراك العقلي» ، والمراد من البصيرة في هذه الآية هو المعنى الثاني.
__________________
(١). كما في الآيات الآتية ، الشعراء ، ١١٣ ؛ الحجرات ، ٢ ؛ البقرة ، ٩ ؛ آل عمران ، ٦٩ ؛ الأنعام ، ٣٦ و ١٢٣ ؛ المؤمنون ، ٥٦.