وقد أكدت الآية السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة على مسألة «السير في الأرض» ، ودعت الناس إليه باساليب خطابية مختلفة ، فمرة خاطبتهم ب : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَيَنْظُروا كَيْفَ كانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ومرة (فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبينَ) بعد ما ذمتهم لعدم سيرهم في الأرض.
وفي آيات أُخَر خُوطِبَ جميع الناس أو المسلمين بالقول : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِى الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبينَ).
وفي آية اخرى هناك دعوةٌ للناسِ لأنّ يسيروا في الأرض للبحث عن بدء الخلق والاستفادة من ذلك للعلم بكيفية النشأة الآخرة.
* *
وقد أكدت الآيات العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة على مسألة المشاهدة و «الرؤية» ليس بالعين الباصرة ، بل بالعقل والبصيرة.
إنّ الخطاب في الآيات الثلاث في الظاهر موجَّهٌ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله إلَّاأنّ المراد بها جميع المؤمنين ، بل الناس كافة ، والخطاب بصيغة استفهام تقريري ، حيث خاطبه الله تارة بالنحو الآتي :
ألم ترَ إلى الذي (أي نمرود ذلك السلطان الطاغي المغرور) حاجّ ابراهيم في ربّه ، وإلى أيّ نهاية انتهى به المطاف؟ وتارة يخاطبه بهذا الخطاب : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إرَمَ ذَاتِ الْعِمَاد).
وخاطبه تارة اخرى بنحو آخر قائلاً له : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفِيْلِ) ، مذكّراً بقصة أصحاب الفيل الذين قدموا من اليمن لهدم الكعبة فانزل الله عليهم طيوراً ـ بالرغم من ضعفها ـ ترميهم بحجارة من سجيل تحملها بمناقيرها فهلكوا بهذه الأحجار الصغيرة.
ومن المسلم به أنّه لا الرسول ولا غيرَه من المسلمين رأى إبراهيم ونمرود وسمعَ