والآية الثانية ناظرة إلى تحطيم الاصنام من قبل بطل التوحيد ابراهيم الخليل عليهالسلام : ومحاكمة عبدة الأصنام له في بابل ، فعندما سُئِلَ : (أَأَنْتَ فَعلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْراهِيمُ)؟ (الانبياء / ٦٢)
اجابهم عليهالسلام : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُم هَذَا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونْ). (الانبياء / ٦٣)
ثم قالت الآية : (فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ) أي ظالمون لأنفسهم ولمجتمعهم وربّهم وخالقهم الذي يغدق عليهم النعم.
يعتقد بعض المفسرين : أنّ عبارة : (فَرَجَعُوا الَى انْفُسِهِمْ) تعني لوم احدهم الآخر ، إلّاأنّ هذا خلاف ظاهر الآية ، فالتفسير الأول أصح.
نعم ، إنّه الضمير الذي يجعل عبدة الأصنام المغرورين يلومون أنفسهم ويوبّخونها.
إنّ التعبير بـ (النَّفْس اللَّوّامَة) في الآية الشريفة : (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ). (القيامة / ٢) خاصة وأنّ الله قرنها بيوم القيامة ، إشارة واضحة إلى هذه المحكمة الباطنية والوجدان الفطري.
والآية الثالثة تشير إلى أمر المشركين ، حيث يعرضون عن اتباع آيات الله عندما يُدعون إليها ويصرون على اتباع ما كان عليه آباؤهم ، فيقول الله في هذا المجال : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) ، وبالرغم من ذلك لم يخضعوا للهِ تعالى ، بل لأصنامهم التي صنعوها بأيديهم لجهلهم : (الْحَمْدُ للهِ بَلْ اكْثَرُهُمْ لَايَعْلَمُونَ). (لقمان / ٢٥)
وجوابهم على هذا السؤال عن خلق السموات والأرض ، يمكن أن يكون نابعاً عن «الفطرة» ، ويوضّح حقيقة أنّ الأنوار الإلهيّة متأصّلة في الإنسان منذ تكوينه فطرياً ولكن الناس غافلون عن هذا الحكم الفطري ، فيذهبون عنهُ شططاً.
* *
وتشير الآية الرابعة إلى نفس المفاد الذي جاء في الآية الثالثة ، فقد وضّحت التوحيد الفطري الذي يتجلى في باطن الإنسان عندما يمرّ بالأزمات والشدائد ، ومثال ذلك أنّ الناس